
سامي مشعشع يكتب:*تقييم أداء واستقراء لمستقبل غير واعد. الاونروا في العام 2025
فلسطين – هذه ليست ورقة أكاديمية تتيح الغوص في تفاصيل تقييم منهجي لأداء الاونروا منذ اندلاع الطوفان واستقراء لمستقبلها، ولأنها ليست كذلك يكتفى بخطوط عريضة.
بشكل عام فإن أداء الاونروا تعرض لضربات موجعة للغاية من قبل سلطات الكيان والذي نجحت في تثبيت ان الاونروا هى شيطان الأمم المتحدة وأنها المؤسسة الدولية الأسوأ دورا وأداءا. جهود الكيان حان قطاف أهم أهدافها والمتمثل في طردها من القدس وإسقاط صفة اللاجىء عن المقدسيين من حملة بطاقة الاونروا. ومع “نجاحات وانجازات” الكيان في غزة والضفة ولبنان وسوريا، ومع اعتياد العالم على مشاهد الإبادة الحية عبر شاشاتهم، ومع تعمق الإنقسام الفسطيني بالرغم من جرحنا الوجودي الغائر، ومع قرار الفرز الأمني الداخلي فلسطينيا وخصوصا في شمال الضفة والاصطفافات التي بدأت تتضح في الشارع الضفاوي متزامنة مع خطة سمويتريتش لذات الضفة الغربية، لكل هذه التطورات وغيرها كصعود ترامب وسقوط النظام في سوريا فان التحرك لتوجيه ضربات قاضية قادمة ضد الوكالة كمؤسسة وكدور وولاية وقرار دولي لن تتسبب بهزات ارتدادية وسنكتفي نحن، معشر فلسطين، وكأمم متحدة بذات تعابير القلق والأسي ولن نغادر هذا المربع المقيت بتاتا والتقدم بخطة وبرنامج عمل مضاد. ولا حاجة هنا لإعادة التذكير بقصورنا الذاتي الفاضح رسميا وديبلوماسيا وجماهيريا وسياسيا فى هذا الخصوص .
في مقالات سابقة تم استعراض أوجه قصور الاونروا الذاتي ولا حاجة لإعادة التذكير بها. يكفي إعادة التأكيد هنا على ان أخطاء الاونروا العملياتية كانت فاضحة وقاتلة (بالمعنى الحرفي والمجازي)، وحتى اللحظة لم يتم مراجعتها ومحاسبتها. وبالرغم من جهود المفوض العام ديبلوماسيا واعلامياً، الا ان الجهد الإداري وقيادة الاونروا ،في أكثر لحظات وجودها حرجا، لم يرتقي للمستوى المطلوب، حيث جاء جهده ودوره محدود التأثير وهو الذي لم يحظ من الأمين العام إلا بدعم معنوى غير ذي فائدة، ومفوض خذلته اللجنة الاستشارية والتي تشرف على عمل الوكالة وتشمل الدول المضيفة والمتبرعة والمؤسسات الدولية الشريكة. وفشلت الاونروا في التحدى المبكر للتهديدات الإسرائيلية وتحركت متأخرة في مواجهة الهجمة عليها بشكل مباشر، وجاءت صحوتها بعد خراب روما. وفشلت الأونروا إعلاميا بالرغم من تكرارها لنفسها بان أدائها الإعلامي والتواصلي كان مميزا! حقيقة ان جهدها الإعلامي امام هول الواقع جاء باهتا ووقع في فخ الرصد الصحفى ورفع التقارير ووصف الحال وافتقر القدرة على التحشيد ومواجهة الهجمة الأشرس على الوكالة وعامليها وعلى اللاجئين وتعرية الاتهامات بحقها.
ويبقى، وسيبقى، عدم قدرة الاونرواالدفاع عن عامليها، لا بل تجريم ومعاقبة بعضهم قبل ان تثبت التهم الباطلة بحقهم، وفشلها المريع في التحرك القانوني والديبلوماسي والإعلامي نصرة لأكثر من 260 من موظفي الاونروا الذين قتلوا في غزة واستهداف عشرات منشآت ومراكز إيوائها.. سيبقى إخفاقا تاريخياً أفقدها القدرة على ردع الكيان وفتح شهيته لمزيد من الهجمات على حقوق اللاجئين وعلى حق العودة وعلى المؤسسة ذاتها.
حتى اللحظة لم يتسرب في الوجدان الفلسطيني حقيقة ان المستهدف الرئيس ليس الاونروا وانما اللاجىء وحق عودته. حتى اللحظة ما زلنا نوهم أنفسنا ان المستهدف هي الاونروا. وعندما تطرد من القدس ويبدأ الضغط المزدوج من تهجير وتوطين بحق اللاجئين سندرك حينها طبيعة الهجمة ومرادها النهائي في القضاء على حق العودة.
الاونروا تدلف للعام 2025 عرجاء ماليا (وما قرار الولايات المتحدة والسويد بوقف المساعدات المالية لها وبشكل نهائي الا البداية لتراجع نوعي في مقدراتها المالية وتراجع كبير في مستوى ونوعية الخدمات وسلب قدرتها على لعب اي دور في مرحلة ما بعد حرب الإبادة على غزة). الاونروا تدخل العام الجديد مدماة من حرب شعواء شنت عليها تنذر بعواقب الأمور خلال الفترة القادمة. ليس مبالغة القول ان عام 2025 سيكون عام القضاء الناجز على حضور ودور الوكالة في فلسطين في ظل غياب اية خطة للمواجهة. وليس مبالغة القول ان العام 2025 سيكون عام لمحاولة تهجير أعداد غير معروفة العدد من اللاجئين الى دول الشتات وتوطين اعداداً أخرى منهم واستيعابهم لدى الدول المضيفة. الاونروا في العام المقبل ستعاني من دعم مالي شحيح وتدخلات مباشرة وفظة في عملها وتقييدات إضافية على عامليها واستهداف أكبر لهم واستفرادا بمنشاتها. في ذات العام احتياجات اللاجئين الإنسانية ستزداد ازديادا كبيرا، وهم الذي يعيش سوادهم دون خط الفقر. وسيشهد المخيم وسكانه وبيئته الجغرافية والفضائية والسياسية والنضالية تحولات أمنية واقتصادية وديموغرافية سلبية في تحولاتها على المخيم برمزيّته ومكانته خصوصا في الضفة الغربية وقطاع غزة في المرحلة الانية.
ومرة أخرى في غياب اية خطة فلسطينية وأممية لإنقاذ الوكالة والسعى المكشوف لإيجاد بدائل محلية وأممية لتحل مكانها، ومع الجهد المزدوج لإنهاء دورها في بعض المواقع وتحويلها لأداة توطينية في مواقع أخرى ستظل الاونروا حاضرة في قاموسنا السياسي، ولكن ضمن أدوار ومهام سترسم لها والتي ستكون بعيدة كل البعد عن الحبل السري الذي أسبغناه عليه كفلسطينيين، كشاهد اممي على نكبتنا وعلى كونها أداة دولية أساسية لإيصالنا لهدف كان منشودا لنا الا وهو حق العودة.
في كل يوم يبتعد شعار “عيدنا يوم عودتنا” أكثر فأكثر ويتم اضعاف الوكالة أكثر فأكثر.
متابعة الهيئة 302 للدفاع عن حقوق اللاجئين