
أصحاب الفتن … وقود الخراب ومهندسو التفرقة \ بقلم الشيخ حسام العلي
في كل زمان ومكان، تبرز فئة من الناس لا هم لها إلا إشعال نار الفتنة، تارة بإسم الدين، وتارة بإسم السياسة، وأخرى تحت شعارات زائفة من الإصلاح أو الحرية أو الأمن أو الدفاع عن الحقوق، وهم في حقيقتهم وقود الخراب ومهندسو التفرقة.
فهؤلاء قد يأتون في أثواب مختلفة:
شيخ يستغل المنبر لتأجيج العصبيات بدل جمع القلوب على الحق،
ونائب يوظف موقعه لخدمة مصالحه ومصالح فئته الضيقة لا مصلحة الوطن،
وأمني يظن أن القوة تخوله أن يبطش بالناس ويكمم الأفواه،
وناشط يثير الغوغاء على وسائل التواصل لا طلباً للحق، بل طلباً للظهور،
وغيرهم ممن اتخذوا الفتنة وسيلة للنفوذ أو التسلط أو تحقيق المكاسب.
إن الفتنة حين تنتشر لا تميز بين بريء ومذنب، فهي تأكل الأخضر واليابس، وقد حذر الله تعالى منها بقوله:
“واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة، واعلموا أن الله شديد العقاب.”
وما من فتنة قام بها هؤلاء إلا وانقلبت عليهم، لأن سنة الله في الظالمين أنهم يهلكون بظلمهم، وسنة التاريخ أن كل من تلاعب بمصير الناس سقط في مزبلة التاريخ.
قد يمهلهم الله حيناً، ويمكن لهم ليظهر سرائرهم، ولكن النهايات لا تخلف وعدها:
فمن استخدم الدين للفتنة، سقطت هيبته وانكشف زيفه.
ومن تاجر بالوطن، انقلب عليه الناس وضاع اسمه في غبار الخيانة.
ومن ظلم الناس بإسم الأمن، تبدلت الموازين وذاق من الكأس التي سقاهم منها.
إن مصيرهم جميعاً واحد، وإن اختلفت وجوههم: الزوال والخذلان والعار، لأن الفتنة لا تبني وطناً، ولا تحفظ كرامة، بل تسلب البركة وتقطع الأرحام وتزرع الشك في النفوس.
أما المؤمن الصادق، والسياسي النزيه، ورجل الأمن الشريف، والناشط المخلص، وغيرهم فهم من يسعون لتهدئة النفوس لا لإشعالها، ويزرعون الثقة بدل الريبة، ويجمعون الصفوف لا يفرقونها.
الخلاصة:
الفتنة مهما تجملت تبقى قبحاً مغلفاً بالشعارات، وأصحابها من هنا أو هناك مهما علت أصواتهم، فإن صمت الحق في النهاية يسقطهم بصدى الحقيقة
“فأما الزبد فيذهب جفاء، وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض.”