متفرقات

التجارة مع الله لا تبور \ بقلم الاستاذة رندا منقارة

ليس عاديا أن تعمل في مؤسسة إنسانية، بينما تدرس العلوم الحسابية والحاسوبية، ثم تنجز في مؤسسات تجارية بحتة!
هذا المزيج الغريب لا يمكن أن يمرّ مرور الكرام، إذ لا بدّ أن ينتج عنه شيء خارق، جميل، وجديد… إن صدقت النية في العمل.
إنه ببساطة أنسنة الأعمال التجارية والصناعية، وهو جوهر فقه التجارة الحق.
شابتان على قدرٍ كبير من العلم والخبرة والتجربة، جمعتهما فرصة العمل في مؤسسة واحدة، فتكاملتا ورفعتا منسوب العمل الوظيفي، إنسانياً وتجاريّاً، وحققتا أحلاماً كثيرة للشباب الباحثين عن فرص عمل، أو عن خدمات إنسانية وتعليمية في ظل ظروف اقتصادية خانقة تجعل من الشباب حلقة ضائعة تلهث وراء أي يد تمتدّ لمساعدتها ونجدتها.
هلا السودة… شغف لا يهدأ
شابة لبنانية جمعت بين الدقّة الحسابية والإنسانية الراقية.
بدأت “هلا السودة” مسيرتها بدراسة المحاسبة المعلوماتية وبرمجة الكمبيوتر، ثم نالت بكالوريوس في إدارة الأعمال من جامعة المنار في طرابلس. وبدافعٍ لا يعرف التوقف، تابعت دورات متخصّصة في قانون العمل الإماراتي واللبناني والضمان الاجتماعي، وحازت على دبلوم في التصميم الغرافيكي، ثم على أحدث إنجازاتها:
شهادة Strategic Human Resources Business Partner Certification من MTF Institute Lisbon, Portugal، التي تعكس خبرتها العميقة في تطوير الموارد البشرية وربطها بالأهداف الاستراتيجية للشركات.
كما وتميّزت بعملها كـ مدرّبة للمدرّبين (ToT) ، وكإدارية مسؤولة عن التوظيف وبناء الشراكات مع مؤسسات الشمال، وكمديرة لقسم الموارد البشرية والإدارية في مؤسسة رائدة في مجال صناعة أدوات التجميل، اذ تغطي بعملها هذا لبنان، الإمارات، وماليزيا، وغيرها من دول. حيث تتمتع بصلاحيات جيدة ، تحببها في عملها ، وتفتح عليها نافذة واسعة تجارية ، إذ تصدر المؤسسة منتجاتها إلى العديد من الدول ، ويتيح لها عملها، التواصل مع المؤسسة عن بعد دون الحاجة للتواجد الدائم حضوريا.
ولـ هلا بصمة إنسانية تمتد لأكثر من عشر سنوات في مجالات برامج التحويل النقدي ودعم سبل العيش وتنفيذ المشاريع التنموية في لبنان.
عملت في جمعيات محلية ومنظمات دولية عدّة، منها يوتوبيا، عكارنا، Save the Children، CISP الجمعية الدولية من أجل تنمية الشعوب، Oxfam، NRC، و Cooperazione Internazionale وغيرها، متنقلة بين مهام الحماية، التعليم وبرامج تمكين الشباب، المتابعة الميدانية، ريادة الاعمال، إدارة البيانات، والخدمات اللوجستية.
أما اليوم، فهي تلعب دورا محوريا في جمعية “إرادة”، التي تعمل على تأمين فرص عمل مجانية للشباب والصبايا ولكل الفئات.
وفي موازاة ذلك، تقود هلا مبادرة توجيه مهني هادفة عبر جلسات Career Counselling تساعد المشاركين على أن يصبحوا أكثر جاهزية للقبول في سوق العمل، وتشمل:

  • كتابة السيرة الذاتية بطريقة احترافية (CV Writing)
  • نصائح المقابلات الوظيفية (Interview Tips)
  • تحسين الملف الشخصي على LinkedIn (Profile Optimization)
    تهدف هذه الجلسات إلى تمكين الشباب من عرض خبراتهم وقدراتهم بشكل صحيح ومقنع، كي يزيد حظّهم في الحصول على فرص عمل تتناسب مع مؤهلاتهم وطموحاتهم.
    وإلى جانب ذلك، تُمارس هلا دورها الإنساني والتعليمي كـ Mentor في Global Mentorship Initiative، حيث تقوم بتدريب شباب وصبايا من مختلف أنحاء العالم عن بُعد، لمساعدتهم على اكتساب المهارات المهنية الأساسية، وصقل شخصيتهم العملية بما يؤهلهم للانطلاق بثقة في مسيرتهم المهنية.

رحلة جوزيت مارون بين العلم والخدمة الإنسانية
“جوزيت مارون ” هي خريجة جامعية بدرجة ماجستير بحثي MASTER 2، في الكيمياء الحياتية، نالت شهادتها في الكيمياء الحياتية ، عبر تركيب غشاء اصطناعي لبكتيريا in silico وعرضها على الكمبيوتر ، في تماثل لجزء من خلية الحيوان الحية ، وكيفية اختراقها لطبقة الجلد الخارجية للبكتيريا E.Coli !Simulation.
بعد التخرج أسست فريق مع أصدقائها ، أسمته : ” القلب القوي” ، راحت من خلاله تقوم بتنظيم الرحلات ، والمشي في الغابات ، فكانت تمول بذلك مشاريع إنسانية للعجزة والأطفال وأصحاب الظروف المتعثرة ، بعد ان تدفع مصروف الرحلات لوجستيا ؛ “جوزيت” لم تكتف بهذا، بل توظفت في مدرسة ” زكي درويش” في الميناء كمرشدة صحية و معلمة علوم ل٥ سنوات ، وفتحت مركز : “On Line Center” على الانترنت ، لتقديم دروس خصوصية لتلاميذ الجامعات ، ولتدريس الطلاب للامتحانات في داخل لبنان وخارجه و عملت كموظفة في مؤسسة Health&Beauty و مستودع اودية في الكورة لعدة سنوات و طورت مهاراتها ؛ ثم عادت لتكمل تحصيلها العلمي عبر النت ، فحازت على شهادة من بانسيلفانيا: NLP, Meta,Facebook,Marketing Managment، ثم شهادة TOT, Life Coaching وشهادة ISO , أما شهادة GMI ، فهي ملخص لجملة : المبادرة الذهنية العالمية ، إذ يقومون بانتقاء المدربين للتلاميذ من اي بلد ، إذا قام المدرب بتقديم ١٢ ساعة على النت مجانا ، ثم قامت بتسجيل مؤسستها الخاصة العام الماضي ITEC_INTERNATIONAL TRAINING AND ENTREPRENEURIAL CONSULTANCY، والتي تعنى بالتدريب وريادة الأعمال لأي مؤسسة تريد أن تتطور بالأفكار ، الأعمال والتسويق، اليوم هي تعمل ومنذ ثلاث سنوات في مدرسة ” دار النور ” الكورة ، وتقدم فيها للتلاميذ مادة التطوير الشخصي .D.P، Development Personnel كما أنها تعمل مديرة عامة في مؤسسة رائدة في مجال صناعة أدوات التجميل من ثلاث سنوات ، وهي بذلك تكون زميلة “هلا” في المؤسسة .
سجل “جوزيت” حافل جدا بالعمل الخيري في طرابلس، رغم أنها من “بقرقاشا” قضاء بشري، فالحب الذي تكنه لمنطقتها عموما ، ولأهل طرابلس خصوصا ، ترك بصمته على كل من تمر به أعمالها الطيبة ، فلقد جمعت الكتب وباعتها في الرابطة الثقافية ، لتجري عملية الماء الزرقاء لطفلة من باب الحديد، واحتفلت بالعديد من المناسبات مع الناس : عيد الميلاد، عيد الفصح ، رمضان ، توزيع المونة ايام كورونا، التشجير في الكورة، طرابلس، زغرتا وعكار ، يوم صحة مجاني في جمعية الخدمات الاجتماعية ، عيد الأم في دار العجزة، تتظيف الغابات من سدات البلاستيك ، دورة للاسعافات الاولية في جبل محسن ، الفتلة المولوية ….
كل ما ذكرت موجود بالشاهد والصور على صفحتها في الفيس بوك لمن يحب الاطلاع!
روح واحدة… هدف واحد
أمام كل ما كتبت لكم عنهما ، أتساءل هل الإنجاز عندهما أكبر من الحلم؟؟؟
تقول هلا: أشعر أن عملي في مجال التوظيف وتمكين الشباب ليس مجرد مهنة، بل رسالة إنسانية أفتخر بها. رؤية النتائج الملموسة على وجوه الناس، وثقة المؤسسات التي أتعامل معها، تمنحني دافعا للاستمرار والتطور، الى جانب الثقة التي أولتني إيّاها المؤسستان اللتان أفتخر بالانتماء إليهما تشكّل بالنسبة لي مصدر فخر ومسؤولية كبيرة، فهي تدفعني دائما إلى المزيد من العطاء. الابواب والحمد لله تفتح لي ، والفرص تاتيني دون سعي مني وهذا توفيق من الله ، فاصل لأماكن هي في الحقيقة أبعد مما كنت أحلم وأرجو ..
وعن طموح” جوزيت ” فتقول : رغم أني درست تابعت دراستي الاكاديمية بشكل تقليدي جدا ، إلا اني لا أحب العمل الروتيني ، وأفضل العمل الحر ، وأطمح لزيارة العالم كله ، وترك بصمتي هناك ، بعلمي ودوراتي وتدريباتي للناس، احب ان اتعرف على عادات الشعوب وتقاليدها ،لأعود إلى بلدي بعد ان عاشرت العالم كله وأخذت من ثقافته وقدمت إليه ما يحتاجه مني؛ إني ارى في ذلك توازني وسعادتي ، وإن شاء الله تكون تلك خطوتي التالية !
بعد لقاء “هلا وجوزيت ” توقف القلم قبل بداية كتابتي لهذا الريبورتاج وعلى فمي سؤال بل يقين أكيد : تفشل أية تجارة بلا كرم …ويضيع أي علم إذا بخلت فيه !! فاحذر أن يأتيك الله من مأمن !!! فالمركب الذي لا يوجد فيه شيئ لله يغرق …
بقلم الاستاذة رندا منقارة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى