
الفرق بين التطبيع والسلام والهدنة وحكم كل حالة منهم : كتب الشيخ محمد اسوم
بعد تصريحات المسؤولين الأمريكيين عن التطبيع بين لبنان والعدو الصهيوني المجرم الذي قام ويقوم منذ أكثر من ١٥ شهرا بإبادة جماعية ضد أهلنا في غزة وبعدوان همجي نازي على لبنان وشعبه ،
وبعد استجابة بعض الأطراف وبعض السياسيين في لبنان لهذا المطلب الصهيو_ أمريكي، يهمنا أن نبين لكم بعض الحقائق الهامة :
■ التطبيع : هو مصطلح صهيوني يراد منه الاعتراف بالكيان الغاصب وحقه بالعيش بسلام وأمان مع إزالة العداء بينه وبين جيرانه عن طريق تغيير حقيقي في العقائد والمفاهيم والتصورات ، وتبادل وانفتاح كاملين في العلاقات السياسية والاقتصادية وكل المجالات الأخرى ..
وهذا يتطلب ما يلي :
١- تغيير عقيدة الولاء والبراء
٢- إلغاء آيات الجهاد في سبيل الله من مناهج التعليم
٣- إلغاء آيات اليهود وبني إسرائيل من الخطب والدروس والتعليم
٤- تبادل السفارات ، وفتح المطارات للزيارات المتبادلة
٥- تمكين العدو من الاستثمار والتملك في أرضنا
٦- إنشاء الديانة الابراهيمية التي تساوي بين التوحيد والشرك بالله
٧- تنظيم النشاطات الثقافية المشتركة
٨- تنفيذ الطلبات الأمنية الصهيونية لضمان حالة التخدير الثقافي في أمتنا ومنع أي صوت من الأصوات التي تنادي بوجوب تحرير فلسطين والمسجد الأقصى
٩- التحول الى محور واحد في الحرب ضد كل من يعارض التطبيع
١٠- تحريف الكلم عن موضعه ، وتحميل الآيات والأحاديث ما لا تحتمل لتصب في خدمة المشروع التطبيعي
■ الفرق بين التطبيع والسلام : السلام قد يكون هو التطبيع نفسه ، وفي الغالب هو كذلك ..
لكن أحيانا قد يرمز إليه على أنه إنهاء لحالة الصراع العسكرية والتخلي عن فكرة التحرير بالجهاد في سبيل الله أولا تمهيدا لمرحلة التطبيع الكامل ثانيا
فهو إن لم يكن التطبيع نفسه ، البوابة الطبيعية للتطبيع ..
فعندما يتم استخدام مصطلح السلام فهذا يعني اتفاق الطرفين على إلغاء صفة العدو واستبدالها بصفة الحليف أو الصديق..
■ الفرق بين السلام والهدنة : الهدنة هي اتفاق وقف اطلاق النار لفترة محددة قد تطول أو تقصر ، دون أن يتنازل أي طرف عن معتقده ، ودون أن تتطور الأمور إلى سلام أو تطبيع
والهدنة مع العدو جائزة شرعا وفق مقتضيات مصالح الأمة وظروف المواجهة ..
■ الفرق بين التحرير الكامل وحل الدولتين :
حل الدولتين هو طرح تطبيعي في الأساس يقوم على وجود دولتين (فلسطينية ويهودية )متجاورتين تكون بينهما هدنة او سلام أو تطبيع كامل ..
وهذا الحل هو تطبيق لقرارات الأمم المتحدة التي اعتبرت الوجود الصهيوني على الأراضي التي استولى عليها عام ٦٧ احتلالا غير مشروع ..
وهو حل مقبول مرحليا كمكتسب من مكاسب الجهاد في سبيل الله إذا توقف عند الهدنة فقط مع بقاء الغاية الكبرى ريثما تسمح الظروف وهي التحرير الكامل لفلسطين التي هي وقف إسلامي لا يملك أحد أن يتنازل عن شبر منه ..
فإذا رافق حل الدولتين اعتراف بوجود الكيان الغاصب وإقامة سلام ثم تطبيع العلاقات معه ، فإنه بذلك يتحول إلى تنازل عن جزء كبير من فلسطين
■ حكم التطبيع :
التطبيع أو السلام الذي قد يكون تطبيعا أو بوابة له : خيانة لله ولرسوله وللمؤمنين ، وموالاة لليهود والنصارى ، وتنازل عن حق الأمة في أقصاها وقدسها وفلسطينها ، وخذلان للشعب الفلسطيني في نضاله وجهاده لتحرير أرضه ….
١- أمرنا الله عز وجل ان نقاتل كل من اعتدى علينا فقال :
(( فَمَنِ اعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ ))
٢- أمرنا الله عز وجل أن نخرج من أخرجنا من أرضنا فقال :
((وَأَخْرِجُوهُم مِّنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ ۚ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ))
والإخراج من الديار أحد أهم أسباب تشريع الجهاد في سبيل الله :
((أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (39) الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ ))
٣- أمرنا الله عز وجل أن نقاتل في سبيل الله وفي سبيل إنقاذ المستضعفين من الرجال والنساء والولدان فقال :
((وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَٰذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا ))
٤- القدس والأقصى أمانة الله وانبيائه لنبينا صلى الله عليه وسلم ولأمته من بعده ..
حيث صلى الأنبياء جميعا خلف النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد الأقصى ليلة الإسراء ..
((سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ))
وقد خاطب الله تعالى بني إسرائيل أنه لا حق لهم في الأرض المباركة لأنهم مفسدون معتدون في الأرض ، وأن عبادا له سيدخلون المسجد مرتين بأمره وإذنه ويتبّرون ما علو تتبيرا
((فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا ))
٥- حرم الله علينا موالاة اليهود والنصارى ، والتطبيع ومتطلباته هو عين الولاء لهم فقال :
(( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَىٰ أَوْلِيَاءَ ۘ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ))
■ معنى قوله تعالى : (( وإن جنحوا للسلم فاجنح لها ..))
إن السلام الذي أمر الله به نبيه صلى الله عليه وسلم انما هو وقف القتال فقط ، دون الإقرار بعقائد الكفر أو الإقرار بعدوان المعتدي وظلمه ، أو التعاون الأمني لمواجهة وخذلان المستضعفين في الأرض او تغيير التصورات والمفاهيم والسلوك ، أو حذف الآيات والأحاديث من مناهج التعليم ..الخ
وهو سلام يقوم بين طرفين متعادلين في القوة ، وليس بين مستكبر ومستضعف ، ومحتل ومشرد ، ومستقو بالقوى العالمية ومهدد بالإخراج من الأرض …
لذلك جاءت هذه الآية بعد قوله تعالى :
((وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ ۚ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لَا تُظْلَمُونَ (60) ۞ وَإِن جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (61)))
في الختام
إننا كأهل السنة في لبنان نعتبر أنفسنا مكلفين بالعمل على تحرير أرضنا وأرض فلسطين من رجس الاحتلال الصهيوني
وإن أية دعوة لسلام أو تطبيع مع هذا العدو الصهيوني النازي إنما هي دعوة تغضب الله ورسوله ، وتخذل إخواننا المجاهدين في فلسطين ..
إن المصلحة قد تقتضي عقد اتفاق هدنة مع هذا العدو يتم فيها التوقف عن القتال ، ولكن هذا لا يعني تحويلها إلى سلام دائم يتحول شيئا فشيئا إلى تطبيع كامل وشامل
قال تعالى :
((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ))
هيئة علماء المسلمين في لبنان
رئيس مجلس الشورى
محمد أسوم