الشيخ بهاء رفيق الحريري ..أهلا وسهلا بكم في بلدكم … كتب: محمد أسوم
أود أن أسجل لكم هذه النقاط التي أراها من بديهيات أو من أولويات السياسة في لبنان ….
١- قد تكون من أنجح رجال الأعمال في العالم ، لكن هذا لا يعني بالضرورة أن تكون من أنجح القادة في السياسة ..
السياسة هي فن الممكن ، والقدرة على تحمل المسؤولية وتقديم الحلول ، والقدرة على مواجهة التحديات بحكمة وحزم ..
٢- وطننا لبنان بطبيعته وطن مركب من طوائف ، والطوائف تعتبر أن استمرار لبنان مرهون باستمرار وجودها ، لذلك هي تمارس وطنيتها عبر الحفاظ على وجودها ومصالحها وقوة تأثيرها ..
وهذه المعادلة لن تتغير إلا بإرادة جميع الطوائف …وهذا لم يتحقق ، وأظنه لن يتحقق قريبا ..
٣- نجاحك في السياسة في لبنان يتطلب منك الحفاظ على قوة أهل السنة وقوة تأثيرهم ، بحيث يتحقق التوازن بينهم وبين جميع الطوائف ، فيصبح التآلف الوطني ممكنا ، وتصبح اللحمة الوطنية ممكنة ….
فسياسة التضحيات والتنازلات على حساب العدل في الوطن ،او على حساب عمل المؤسسات الدستورية ، أو على حساب أهل السنة، لم تحصد سوى المزيد من اختلال التوازن ، والمزيد من الشعور بالاحباط فينا
٤- الحفاظ على أهل السنة في لبنان يكون بالأمور التالية :
● الحفاظ على موقع رئاسة الحكومة وعلى صلاحيات رئيس الحكومة ..
● الحفاظ على موقع دار الفتوى ، وتعزيز دور المفتي وتقويته وتحريره من الوصاية السياسية
● الحفاظ على الجسم الديني ، وتعزيز وتحسين واقع العلماء ودورهم
● الحفاظ على مكونات الشارع السني ، على بيوتاته السياسية ، على جماعاته وجمعياته ، على عائلاته وعشائره
● الحفاظ على مواقع أهل السنة في الإدارات ..
● الحفاظ والحرص والعمل على تنمية المناطق السنية ، وتفعيل المرافق الحيوية من مرفأ ومصفاة ومطار ومعرض وغيرها ..
٥- انطلاقا من قوة الوجود السني ، يمكن ترجمة مفهوم الاعتدال السني ..
اليوم هناك من يصف آل الحريري بالاعتدال السني ، ليس ثناء عليهم ، بل إيقاعا لهم في فخ الاستدراج والتنازلات ..
لذلك ..
مفهوم الاعتدال السني يجب أن يصحح أولا في عقولنا وثانيا في عقول الآخرين ..
● الانفتاح على كل الطوائف في لبنان لبناء الوطن والنهوض به ، والعمل على قاعدة لا غالب ولا مغلوب ، لا مستقوي ولا مستضعف ، أمر لا غنى عنه ، نتمسك به ، وندعو له ، ونعمل له بالتعاون الوثيق بين الجميع ..
● الاعتدال السني لا يعني التصهين عبر الاعتراف بالكيان الغاصب والتطبيع معه ، والانحياز له بأي حال من الأحوال ..
إن الاعتراف بإسرائيل والتطبيع معها تكريس لمنطق للاحتلال ، وتشريع للإجرام ، وتبرير لمنطق التهجير والاستيطان
● الاعتدال السني لا يعني التخلي عن عقيدة تحرير المسجد الأقصى ، أولى القبلتين ، وثالث الحرمين ، ومسرى النبي محمد صلى الله عليه وسلم
ومن يتخلى عن هذه العقيدة ، لا يكون معتدلا ، بل هو خائن لله وللرسول وللمؤمنين
● الاعتدال السني لا يعني التخلي عن خيار المقاومة والتحرير ،
ومن يترك خيار المقاومة والجهاد ، فإنه يلقي بنفسه وبشعبه في التهلكة ، ويحكم على نفسه وشعبه بالذل والهوان
● الاعتدال السني لا يعني الموافقة على ذبح القيم الأخلاقية ، والتنازل الزواج الشرعي ..
إن الحفاظ على القيم الأخلاقية وخاصة قيم الفطرة والأسرة وعدم السير خلف العلمانيين والجمعيات النسوية المأجورة التي تريد تشريع الزواج اللاديني وتشريع الشذوذ الجنسي وتشريع الإجهاض ، هو عين الاعتدال والوسطية ..
● الاعتدال السني لا يعني التخلي عن عطلة يوم الجمعة ، وعن حصة التعليم الديني في المدارس
الحفاظ على التربية الدينية في المدارس ، وتحسين أوضاع مدرسيها ، ومساواتها بالمواد التعليمية ، وجعلها تؤثر في النجاح والرسوب ، والحفاظ على عطلة يوم الجمعة وتعظيمه كشعيرة من شعائر الإسلام ، هو من صميم الاعتدال والوسطية ..
● الاعتدال السني لا يعني أن تجعل اغلب موظفيك ومستشاريك من أيناء الطوائف الأخرى ، وتترك أصحاب الكفاءات من أهل السنة بلا موقع ولا دور ، أو تدفع بهم ليقفوا على أبواب زعماء الطوائف الأخرى
على الأقل يجب الحفاظ على التوازن في هذا المجال ، أو يجب أن تكون كفة الميزان مائلة ولو قليلا لصالح الكفاءات السنية
● الاعتدال السني لا يعني أن ترفض التطرف الإسلامي والغلو الإسلامي فحسب ، بل أن ترفض التطرف العلماني والغلو العلماني أيضا ..
فلا تكتفي بإدانة العمليات الإرهابية التي تأتي كردة فعل ، بل يجب أن تدين الإرهاب الفكري والتشريعي الغربي الذي يسمح بالتطاول على نبينا صلى الله عليه وسلم وعلى مقدساتنا ، والذي يمنع المرأة المسلمة من حريتها في عبادة ربها بالالتزام بالحجاب
٦- إن قوة القائد بالبطانة الصالحة التي يختارها ..
فبقدر صلاح مستشاريه وموظفيه ، تصلح مسيرته ، وتسمو سيرته ، والعكس صحيح ..
المتسلقون كثر …والوصوليون كثر. ، والفاسدون كثر ، والنفعيون كثر ، والمذبذبون المنافقون كثر …
فلا تقبل في فريقك إلا الأقوياء الأمناء الحكماء الخبراء ..
وإذا أردت أن ترى أثر بطانة السوء ، فانظر إلى ما حل بتيار المستقبل …
٧- للأسف السياسة في لبنان مرتبطة بالمال ..
واغلب الشعب اللبناني أدمن على الاستفادة المالية من السياسيين ، وخاصة في موسم الانتخابات ..
القائد السياسي الناجح ، هو الذي ينجح بصفاته القيادية ، لا بثروته المالية ..
فالصفات القيادية هي التي تضمن له البقاء في موقع القيادة حتى لو انقلبت به الأحوال وأصبح بلا أموال ..
لكن هذا لا يمنع أن يبذل القائد السياسي من ماله في عمل الخير وخدمة ناسه وجمهوره ..
المهم أن يضع نصب عينيه في عمل الخير أربعة قواعد :
١- المراقبة
٢- المتابعة
٣- المسائلة
٤- المحاسبة
إن هذه الأمور الأربعة تضمن للقائد السياسي أفضل الطرق في الأعمال الخيرية ، بحيث يستفيد المستحقون ، وينكفئ الفاسدون ، ويطال الخير أكبر عدد ممكن ..
٩- مشكلة لبنان في الفساد السياسي والمالي ، وأغلب السياسيين فيه حيتان ووحوش ، سارقون فاسدون ،
السكوت عنهم كالشراكة معهم ..
مواجهتهم هي الحل، وهي تتطلب منك القوة والثبات والاستعداد للتضحية
١٠ – أخيرا …المطلوب هو العدل ..
فالعدل أساس الملك
ولا عدل مع قضاء عسكري مسلط
ولا عدل مع قضاء ينخره الفساد
ولا عدل مع قضاء مترهل بطيء،
ولا عدل مع قضاء مهدد وخائف
ولا عدل مع قضاء يميز بين المتهمين في المحاكمات والأحكام ..
هذه الامور العشرة ، لو استطاع أي قائد سني أن يجمعها في عمله السياسي ، فإنه لن يكون زعيما سنيا فحسب ، بل زعيم وطني عربي أيضا …
محمد أسوم