
الحياة أصبحت صعبة جدا”وهذه هي الأسباب واقتراحات الحلول \ أسامة إسماعيل
الحياة أصبحت صعبة جدا" ومادية بشكل مفرط حتى أن الكثير من الناس لايحترمون الفرد إلاإذا كان يملك المال الكثير فلا العلم ولاالثقافة ولاالذوق السليم ولاالكرامة ولاالحرية ولا الإستقلال ذات قيمة لديهم. والسؤال :هل كل الذين يملكون المال الكثير ويركبون السيارات الكبيرة والفخمة والسريعة وذات الأرقام المميزة مستحقون وجديرون؟ وهل تستبعد فرضية الشبهات والفساد في ماوصل اليه هؤلاء الأشخاص من غنى وثراء وخاصة أن هذه الظاهرة تنامت بعد أزمة ١٧تشرين الأول ٢٠١٩؟ هل الذي يحمل الكتاب والدفتر والقلم سعيا" وراء مورد رزق له وإن كان قليلا" فاشل ولايستحق الإحترام لأنه يعتمد على ذاته وعلمه وثقافته وعمله وإبداعه وصدقه وحريته واستقلاله وكرامته ولأنه يفكر ويتكلم ويكتب ويريد ويعمل ويتحرك خارج القطيع الطائفي والعشائري والحزبي والشعبي فيما أولئك يعتمدون على غيرهم وعلى الجهل المركب والسطحية والتخلف وافقار غيرهم وإزعاجهم والكذب والنفاق والتملق والوقاحة والإنتهازية و"التشبيح" والتبعية والولاء الطائفي والسياسي والإنتخابي والحزبي واستغلال الأزمات والفوضى؟!!
الديموقراطية الإنتخابية العددية الطائفية الحزبية
الديموقراطية الإنتخابية العددية الطائفية الحزبية العشائرية تشجع هذا الواقع السيء لأنها تقوم على حكم الأكثرية، فالأكثرية الشعبية النسبية هي التي تنتخب أو تختار السياسيين والأحزاب للحكم والسلطة وفق الإنتماء والمعتقدات الجماعية والعواطف والمصالح المادية فيصل إلى الحكم والسلطة من يحاكي هذه الأمور ويخاطبها ومن يعتبر ممثلا"للقطيع الجماعي والشعبي،وإن كانت هذه الأكثرية النسبية ٥١٪.وبين هذه الأكثرية التي تختار الممثلين هنالك الجاهل والسطحي والسخيف والوقح والفاسد الذي يختار وينتخب مثيله، وتشجع هذه الديموقراطية تهميش المثقف والإعلامي الحقيقي اقتصاديا" ماديا"ومعنويا"، لذلك يكره المثقف والإعلامي الحقيقي هذه الديموقراطية ويرفض المشاركة فيها اقتراعا"وترشحا". فالديموقراطية الإنتخابية العددية الطائفية الحزبية العشائرية لاتؤدي إلى الحكم الرشيد والصالح مهما كانت قوانين الإنتخابات المقررة أو المقترحة، حيث تجري مسرحيات خلافات وجدل في لبنان حول اي قانون إنتخابي يوصل السياسيين والأحزاب (المتحالفين والمتخاصمين) إلى المجلس النيابي ويضمن حصصهم. ويكفي أن الكيان الإسرائيلي يعتمد الديموقراطية الإنتخابية العددية، وكما هو معلوم، إن الحكم في هذا الكيان بعيد كل البعد عن الرشاد والصلاح والحرية والعدالة والكرامة ويمارس التمييز العنصري، فمن كان تابعا"ومؤيدا" للاحتلال يدعم ويمكن، ومن كان ضده يهمش ويضطهد وإن كان يهوديا"بالولادة،وكذلك الديموقراطية الإنتخابية العددية الطائفية الحزبية في هذا البلد تهمش النخبوي الحر المستقل الذي يعارض وينتقد السياسيين والأحزاب ولايشارك في الإنتخابات.
أزمة ١٧تشرين الأول ٢٠١٩
النظام الديموقراطي الإنتخابي العددي الطائفي الحزبي العشائري يشجع حالة القطيع الجماعي والشعبي، وقد أظهرت التجارب التي مر بها هذا البلد أن التظاهرات الشعبية والإنتخابات النيابية لاتؤدي إلى تغيير الواقع السيء ومعالجة الأزمات، فمثلا”، أزمة ١٧ تشرين الأول ٢٠١٩ بدأت مالية ونقدية ومسرحية خلافات سياسية ثم تحولت إلى شعبوية وتظاهرات في الشارع وأعمال تخريب وقطع طرقات بايعاز من قبل مسببي الأزمة ومفتعليها أو كردة فعل، فتزداد الأمور سوءا” ويرتفع سعر الدولار الأميركي أكثر فأكثر، وهو مايسمى سعر السوق السوداء أو الموازي الذي أصبح السعر الرسمي؟!! ثم يعودون لينتخبوا السياسيين والأحزاب الذين تظاهروا ضدهم وبعضهم من مسببي الأزمة وادعوا أنهم ثوار وتغييريون!!!
ماينفع هو مواجهة السياسة السيئة والظالمة والفاسدة والطائفية والحزبية والإنتخابية والشعبوية بالنقد عبر وسائل الإعلام والتواصل وعدم الاستجابة لها والإعتراض على قراراتها الخاطئة وغير العادلة، والضغط على أصحاب هذه السياسة والقرارات ومسببي الأزمة بوسائل وأساليب غير شعبوية وغير غوغائية مثل المطالبة باعتماد الضرائب التصاعدية حيث لايعامل ذو الدخل المحدود والمنخفض و المعطل عن عمله كما يعامل الثري والغني، والمطالبة بتخفيض نسبة التضخم بدلا”من ابقائها على ماهي عليه وترسيخها عبر زيادة الأسعار وتعرفة الضرائب والرسوم المباشرة وغير المباشرة، الشهرية والسنوية، وطباعة أوراق ٥٠٠٠٠٠ ل. ل. وورقة مليون ليرة لبنانية!!!
إن مايجعل الحياة أقل صعوبة واقل مادية وسطحية و ظلما”وشعبوية وطائفية وحزبية ليس قانون انتخابات نيابية جديدا” وتمثيل المغتربين وحسم الخلاف حول السلاح والسلام والعلاقة مع الخارج، بل مايجعل الحياة أفضل واقل صعوبة وتعقيدا”ومادية وسطحية وتعصبا” وأكثر عدالة وأمنا” وحرية وكرامة هو التخلص من قشور الدين والسياسة والمجتمع والإقتصاد والخروج من القطيع الجماعي والشعبي إلى واحة العقل وإلارادة الفرديين حيث تخضع العاطفة والغريزة والحاجة المادية والإقتصادية لاشرافهما وتوجيههما، والتوزيع العادل للثروة والوظائف وفرص العمل ومكافحة الفساد المالي والإداري والفوضى والهدر و”الواسطة”و”المحسوبية”، ولوسائل الإعلام والتواصل دور أساسي في تشجيع هذه التصورات واقتراحات الحلول.
أسامة إسماعيل