
زياد الرحباني… المتمرّد الجميل بيان صادر عن “حلقة الحوار الثقافي” في رحيله…
رحل الفنان والمفكّر العبقري زياد الرحباني…
في زمنٍ نحن فيه بأمسّ الحاجة إلى صدقه وجرأته ونوعية تمرده.
هو المغرّد لمعنى الوطن وثقافته، في مواجهة ضوضاء الجريمة، والفساد، والانغلاق، وتفكّك القيم الجامعة للبنانيين.
زياد الرحباني، الفنان والمفكر والمتمرّد الجميل، ترك لنا إرثاً إنسانياً نادراً لا شبيه له في عالمنا اليوم، تماماً كما لا يُشبه أحداً في حضوره أو في غيابه.
لن نبكيك…
كلّ خصائص فرادة إبداعك باقية، ألحانك ستراقص القلوب، ومسرحك سيُحيي نبض لبناننا… لن تغيب يوماً.
بقلوبٍ موجوعة، وعيونٍ لا تخجل من دمعتها، تنعى “حلقة الحوار الثقافي” إلى لبنان والعالم، رحيلَ قامةٍ نادرة، من تلك القامات التي لا تتكرّر.
زياد، ابنُ الرحابنة، ابنُ المجد الذي صار جزءاً من هوية لبنان، لم يكن مجرّد امتداد، بل كان حالةً مستقلة، جمعت بين نبرة السخرية ووجع الوطن، بين موسيقى الحنين وصرخة الحق.
منذ سهرية وبالنسبة لبُكرا شو؟، وفيلم أميركي طويل، وبخصوص الكرامة والشعب العنيد… كنت مرآتنا، صراخنا المكتوم، وأحلامنا…
أما موسيقاك، فكانت نثراً لقلوبِنا: مرةً تضحك، ومرةً تبكي، لكنها دائماً تُشبهنا.
زياد لم يُجامل، لم يُهادن، لم يركض خلف تصفيقٍ أو شهرة… بل ظلّ وفياً لذاته، وللشعب اللبناني.
كان ما يجب أن يكون: حرّاً، شريفاً، متمرّداً…
كان يعرف أن السخرية سلاح، وأنّ الوعي مقاومة. فاختار أن يبقى صوتاً عالياً، حتى في زمنٍ صارت فيه الحقيقة تُهَماً.
برحيله، نخسر وجهاً من وجوهِنا المضيئة.
نخسر فناناً قال ما يجب أن يُقال، وواجه ما لا يجرؤ كثيرون على مواجهته.
لكننا، في المقابل، نربح ذاكرةً لا تموت، وتركةً من الجرأة والصدق لن تضيع.
نعزّي أنفسنا، ونعزّي عائلته وأحبّاءه، ولبنان كلَّه.
نعزّي بيت الرحابنة… هذا البيت الذي أعطى لبنان فخراً، وأعطى العالم أجملَ ما فيه.
وداعاً زياد…
وداعاً أيها الحرّ، الصادق، النبيل.
ستبقى هنا، في كلّ مسرح، وكلّ نغمة، وكلّ جملة لا تخاف قول الحقيقة.
حلقة الحوار الثقافي