
هي إبادة يا سيادة الرئيس د. محمد أمين الميداني \ المصدر موقع الجريدة
استضافت المحطة الفرنسية الأولى في 13 مايو، وعلى مدار أكثر من ثلاث ساعات، الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي لم يبق على ولايته كرئيس للجمهورية الفرنسية إلا عامان، في حوار تم التطرق فيه إلى الأوضاع الداخلية في فرنسا، والأوضاع الأوروبية والدولية أيضاً. وليسمح لنا القارئ الكريم أن نضع جانباً الأوضاع الداخلية الفرنسية، والتي لا تهمه مباشرة، إلا أننا نريد أن نشير إلى نقطتين هامتين: اللجوء إلى الاستفتاء كوسيلة ديموقراطية يمكن من خلالها استمزاج رأي الشعب في القضايا الهامة والحساسة والحيوية، ومن دون المرور بالبرلمان، وهو ما تم الاستفسار عنه، ولم يستبعد الرئيس الفرنسي الدعوة إلى استفتاء الشعب الفرنسي فيما يتعلق ببعض القضايا. والنقطة الثانية خاصة بمشروع قانون يناقشه البرلمان الفرنسي حالياً بخصوص الإمكانية المتاحة للمريض الميؤوس من شفائه بطلب المساعدة لوضع حد لحياته أو ما يُعرف بقانون نهاية الحياة. وأوضح الرئيس الفرنسي أنه يمكن اللجوء إلى الاستفتاء إذا لم ينجح البرلمان الفرنسي في اعتماد قانون بخصوص هذا القانون. وبالمناسبة سبق أن تطرقت في إحدى دراساتي إلى موضوع المريض الميؤوس من شفائه، بشرح قضية عرضت على المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، وتتعلق بالحق في الحياة، واستعرضت آراء بعض الفقهاء المسلمين فيما يتعلق بهذا الموضوع أيضاً. ولكن المهم أن نشير إلى الموقف الذي لا يرقى إلى ما كنا نتمنى أن نسمعه من الرئيس الفرنسي بخصوص ما يحدث في قطاع غزة. صحيح أن الرئيس اعتبر أن ما يحدث في غزة هو «مأساة إنسانية غير مقبولة»، وأن ما تقوم به الحكومة الإسرائيلية غير مقبول، وأن ما يقوم به رئيس الوزراء الإسرائيلي هو «عار»، إلا أن قوله إنه يجب أن نترك للتاريخ وللمؤرخين الحسم فيما إذا كان ما يحدث في غزة جريمة إبادة لم يكن على مستوى مواقفه الأخرى الداعمة للشعب الفلسطيني، وهو الذي صرح في 11 أبريل المنصرم، وكان يقف غير بعيد عن حدود قطاع غزة، بأن هناك احتمالاً بأن تعترف فرنسا بالدولة الفلسطينية، فكيف يشكك وهو المطلع بشكل جيد على ما يحدث في هذا القطاع وما يحل بسكانه من قتل وتدمير وتجويع، ويريد الآن أن يترك للتاريخ وللمؤرخين أن يقولوا كلمتهم في الوقت الذي ننتظر فيه قرار محكمة العدل الدولية في القضية المرفوعة من قبل جنوب إفريقيا ودول أخرى ضد إسرائيل وما طلبته هذه المحكمة، ومنذ قرابة عام ونصف العام، من تدابير احترازية من طرف إسرائيل، من بينها اتخاذ كل الإجراءات التي بحوزتها لمنع ومعاقبة التشجيع المباشر والعلني للقيام بالإبادة ضد الفلسطينيين في قطاع غزة، ويعزز موقف المحكمة ما يتم نشره على صفحات الجرائد الفرنسية بين الحين والآخر من مواقف لكبار القانونيين والمتخصصين، وسبق أن أشرنا إلى ذلك على صفحات هذه الجريدة، بخصوص الأعمال التي تُرتكب في قطاع غزة وتنطبق عليها كل عناصر جريمة العدوان. لعل ضيق الوقت وكثرة المشاغل والأعباء حالت بين الرئيس الفرنسي ومتابعة افتتاح مهرجان كان لهذا العام في دورته الـ78، فقد صادف الافتتاح عشية المقابلة التلفزيونية، ولكننا نظن أنه على علم بالرسالة التي وقعها 380 فناناً من المعروفين عالمياً، والتي نُشرت على صفحات صحيفة ليبراسيون الفرنسية في 13 مايو، عشية افتتاح هذا المهرجان، والتي تدين الصمت فيما يتعلق بالإبادة الجماعية التي تحدث في قطاع غزة. * أكاديمي وكاتب سوري مقيم بفرنسا