مقالات

سأقولها بصراحة ووضوح \ كتب: الدكتور عبد الجواد حمام

ثورة الأحرار في سورية هي ثورة ضد الطغيان.. وقد قامت وانتصرت على أيدي أبنائها الذين صبروا وصابروا، وضحوا بأنفسهم وأموالهم وأولادهم في سبيل الله.. ولاقوا ما لاقوا من أذى واضطهاد بإيمان راسخ لا تدانيه الجبال..

فهي ليست ثورة لتيار إسلامي على آخر.. ولا لتوجه ديني على آخر..

وبلاد الشام بلاد مباركة ثريَّة.. احتوت محاضنها العلمية تنوعاً إسلامياً فريداً واشتهرت فيها قامات علمية وفكرية شامخة مثَّلت جميع التوجهات الإسلامية التاريخية..

فنجد فيها الفقه المذهبي المنضبط والواعي، والتوجَّه السلفي العلمي المعتدل، وفيها مدارس في التصوف المتوازن تصوفِ أهل العلم، وفيها من المشارب الفكرية والكلامية بقدر تنوعها في التراث الإسلامي عموماً..

ففي دمشق الشام نبغ ابن الصلاح الفقيه المحدث وهو المؤلِّف الأشهر في علم مصطلح الحديث، ومن بعده النووي الزاهد الفقيه الشافعي المحدث المتفنن الذي لا يستغني عن كتبه طالب علم..

وفيها استوطن بنو قدامة المقادسة الحنابلة المهاجرون إليها من نواحي نابلس فاشتهروا بعلومهم ومؤلفاتهم وفقههم الحنبلي حتى سميت الصالحية في دمشق نسبة إليهم لما عرفوا به من صلاح وتقوى وزهد..

وفي مسجد دمشق ومنارته اعتزل الغزالي الفقيه الصوفي الأشعري الفيلسوف حتى انتظمت أفكاره وهدأت نفسه ونضجت رؤيته..

وفي ربوع دمشق ترعرع ابن تيمية وذاعت شهرته بعلومه المتنوعة وعقليته الفذة.. وكذا تلميذه ابن القيم بكتبه ومؤلفاته الرائقة في كل باب..

وغير هؤلاء كثير كثير.. كالمزي والذهبي وابن كثير .. ومن المعاصرين أيضاً كثير كجمال الدين القاسمي، وبدر الدين الحسني، وأبو اليسر عابدين ومصطفى السباعي.. رحمهم الله أجمعين..

والعلاقة بين هذه المشارب والتوجهات هي علاقة حوار علمي، وجدل منهجي.. وتطارح أفكار ومحاججة بالأدلة والبرهان.. مع المودة والتآخي وحمل هم الإسلام.. لا استقواء ولا تظالم ولا طغيان..

وهكذا ينبغي أن تبقى الساحة العلمية.. وينبغي أن تتسع صدور العلماء وطلبة العلم والمشايخ للجميع..

ومن أهم ثمرات الحرية أن لا قمع للفكرة.. ولا إقصاء لصاحب حجة وبرهان..

وكلٌّ منَّا يؤخذ منه ويرد عليه .. كما قال الإمام مالك رحمه الله تعالى..

علمتنيالثورةالسورية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى