مقالات

المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى: صرحٌ راسخٌ في وجه العاديات بقلم: د.غَازِي قَانْصُو

المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى يبقى في سمُوِّه، مهما أصابت منه صواريخ العدو، ولن تنال منه أفاعٍ نبتت على بؤرةٍ موحلة بين الكَدَرِ والوِجْسِ.
هذا الصرح المبارك تأسس على تقوى الله ورضاه، غايته الإنسان، وهدفُه حفظُ الوطنِ بكل ما يحمله من قيمٍ سامية.

الإمام الصدر: باني القاعدة الأساسية والأبُ المؤسس

تأسس هذا المجلس المبارك على يد الإمام القائد السيد موسى الصدر، شخصية قيادية فريدة، تميّزت برؤية ثاقبة، وخصالٍ علمية وإنسانية لا نظير لها. كان الإمام السيد الصدر رائداً في الفهم العميق للإيمان والدين، وحاملاً لهموم الإنسان والوطن، يعمل بلا كلل أو ملل، ويجود بعطاء لا حدود له، حتى أصبح رمزاً للخير والعطاء والفداء.

رُؤى القادة: استمرار النُّور

وعلى مرّ السنين، بقيت كلمات الإمام الصدر منارةً لأهل الخير، ومواقفه مشعلاً لمن أراد الاستنارة. خَلَفَهُ سماحة الإمام الراحل الشيخ محمد مهدي شمس الدين، الذي أسّس لفكر الاعتدال، رافضاً الغلوّ والانعزال، وطرح رؤية فريدة: “دولة عادلة لمواطنين أحرار”.
ثم جاء سماحة الشيخ عبد الأمير قبلان، الذي اتسع قلبه للجميع، فكان الأب الحكيم، والعين الساهرة على حاجات الفقراء والمحتاجين.

الحاضر المشرق: سماحةُ العلّامة الشيخ علي الخطيب

ومنذ أيلول 2021، تولّى سماحة العلامة الشيخ علي الخطيب رئاسة المجلس، مؤكداً على دور المجلس في ترسيخ الوحدة الوطنية، والحفاظ على رسالة الإمام الصدر ودعواته “لدولة المواطنة” العادلة. وفي مواجهة العدوان الأخير، أثبت سماحة العلامة الشيخ الخطيب حضوره الفاعل، سواء من خلال دعم النازحين وافتتاح مراكز الإيواء في الجامعة الاسلامية التابعة للمجلس، والاتصال بجمعيات الاغاثة عبر لجنة الطوارئ التي أسسها سماحته مع بداية العدوان، أو عبر جهوده السياسية والدينية، والتي تجلّت في مشاركته البارزة بالقمة الروحية في بكركي، حيث تمّ إنجازُ بيانٍ وطني جامع يعكس وحدة الموقف في القضايا المصيرية.

المجلس في وجه العدوان: قوة لا تهتزّ

وفي ظل عدوان غادر استهدف مبنى المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى في طريق المطار- بيروت، لم يزدنا ذلك إلا صلابةً وإيماناً. إن هذه الاعتداءات الغاشمة تعكس نوايا العدوانية والكراهية، لكنها لن تُثني إرادتنا عن المضيّ قُدُماً في رسالة الصدق والإخلاص.
وأقول للأسواق الصغيرة كما قال الله تعالى: “إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء.”

نحن باقون ما بقينا على الحق، ثابتون وإن قُتلنا، فهم الموتى وإن عاشوا. فالصبح المنبلج بالنور يُرى لمن أراد أن يُبصر، أما العُميُّ الصمّ البُكمُ الذين لا يعقلون، فما لنا ولهم….. دًعهم في غيِّهم يعمهون.
والحمدُ للهِ ربِّ العالمين.

مَع تَحِيّاتِي،
أ.د. غَازِي مُنِير قَانْصُو
أستاذ جامعي – عميد كلية
عضو اللجنة الوطنية للحوار الإسلامي-المسيحي
عضو لجنة المتابعة عن القمة الروحية
الأحد 17 تشرين الثاني 2024

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى