
لبنان بين صخرة الإنقسام و صخرة الإنهياربقلم رئيس تحرير موقع صوت الجيل الصحافي جواد خضر
لم تكن إضاءة صخرة الروشة حدثاً سياحياً عابراً كما يظن البعض بل تحولّت إلى شرارة جديدة فجرت كل ما يختبئ تحت الرماد من صراعات و هويات متناحرة فالصخرة التي طالما شكلت رمزاً لوحدة البحر و المدينة أُضيئت هذه المرة على هوة الإنقسام العميق بين اللبنانين لتكشف هشاشة المشهد الوطني و غياب الحد الأدنى من التوافق.
اللبنانيون لم يختلفوا على الكهرباء بل باتوا يختلفون حتى على الرموز و المعاني البعض رأى في الحدث رسالة حضارية و آخرون إعتبروه إستفزازاً سياسياً موجها في ما رأى فريقٌ ثالث للتذكير بأن إضاءة لا تُنير عتمة البطالة و الفُقر و الفساد هكذا تحولت الصخرة من معلّم طبيعي إلى مرآة لمرارة الإنقسام. هذا المشهد يفضح واقعاً لبنانياً مريضاً، كل مبادرة مهما كانت صغيرة أو رمزية سرعان ما تُسقط عليها الإنقاسمات الطائفية و السياسية.
فلا صوت يعلو فوق صوت الكيدية و ما حدثَ عند الصخرة لم يكن سوى نسخة مُصغرة عن مجلس النواب المنقسم و الحكومة التي حتى الآن لم تعالج معاناة شعبها من غلاء المعيشة و التعليم و الإستشفاء و الشارع المتناحر. الخطورة أن هذا الإنقسام لم يعُد يُترجَم فقط في المواقف السياسية بل باتَ ينسَحب على تفاصيل الحياة اليومية من إضاءة صخرة إلى رفع علم إلى معركة وجودية كأن الوطن مُعلق بخيط رفيع ينتظر شرارة جديدة لتدفَعُهُ نحو هاوية أعمق.
صخرة الروشة كانت يوماً عنواناً لصمود بيروت بوجه البحر و العواصف اليوم باتت عنواناً للإنكسار. بلد يتنازع أبنائَهُ على الألوان و الأضواء. السؤال هل يستطيع لبنان أن يجد ” صخرة” يجتمع حولها الجميع أم أنَهُ سيبقى عالقاً بين صخرة الإنقسام و صخرة الإنهيار؟