
يوم تاريخي بقرارات ومواقف تاريخية غير مسبوقة عبارة تختصر ما حصل أمس الأول في قصر بعبدابقلم الكاتب صفوح منجد \ المصدر موقع ناشطون
فمجلس الوزراء إتخذ القرار المنتظر من معظم اللبنانيين وخطى خطوة متقدمة على طريق إعادة بناء الدولة الواحدة القادرة، وسيدة نفسها وقرارها.
طبعا ثمّة من يحذّر مستعيدا تجربة 7 ايار 2008 ويقول: كما أن 5 أيار 2008 أدى إلى 7 أيار فإنّ 5 آب 2025 سيلد 7 آب جديدا!!
لكن فات هؤلاء أن أيار 2008 غير آب 2025، فحزب الله الذي كان مخيفا اضحى خائفا.
وحزب الله الذي كان جزءاً من هلال ممانع يبدأ في لبنان وينتهي في إيران مروراً بسوريا والعراق واليمن، كسر هلاله بحيث اضحى وحيداً ومعزولا ومحاصراً.
وحزب الله الذي كان رمز المقاومة ويلتف حوله قسم كبير من اللبنانيين اضحى بلا حليف داخلي قوي، وها هم حلفاؤه التاريخيون يتساقطون واحداً بعد واحد لإستلحاق أنفسهم وحتى لا يغرقوا معه، لأولئك نقول لا تخافوا أيها اللبنانيون فلا داعي للهلع!!
وصحيح أن الحزب اصدر امس بيانا شديد اللهجة إعتبر فيه قرار الحكومة بمثابة خطيئة كبرى، وصحيح أنه قال أنه سيتعامل مع القرار كأنه غير موجود، ولكن اللبنانيين ما عادوا يأبهون بعبارات الإستقواء والتنمر التي يُطلقها الحزب.
فالدولة متى حزمت أمرها لا يمكن لأحد أن يخالف قراراتها، وبخاصة إذا كان من يواجهها فاقداً للمنطق تماما.
وإلّا كيف يمكن ان نفسر أن الحزب إعتبر في بيانه ان القرار يجرّد لبنان من سلاح مقاومة العدو الإسرائيلي؟ فليقل لنا حزب الله أين تمكّن سلاحه من الدفاع عن الوطن منذ حرب الإسناد إلى اليوم؟
وأليس هذا السلاح بالذات هو من أعاد الإحتلال الإسرائيلي إلى لبنان والمستمر إلى الآن من خلال النقاط الخمس؟
وفي السياق نفذ الجيش ضربة نوعية إستهدفت أوكار المطلوبين في الشراونة، ما أدى إلى مقتل ثلاثة من أخطر المهربين والمجرمين، أبرزهم “أبو سلة”، ما يثبت مرة جديدة أن زمن الدويلات ولّى، وأن الكلمة للدولة، والدولة فقط عبر جيش قوي ينفذ أخطر المهمات وأدقها.
وعلى صعيد القرار السريع والمتسرّع بشان حصرية السلاح يتقلّب لبنان في الوقت الذي هو بأمس الحاجة إلى ما يحصن وضعه الداخلي ويراعي مصلحته الوطنية.
وهذا القرار إستُكملت فصوله في جلسة مجلس الوزراء الأخيرة والتي إنعقدت في قصر بعبدا رغم إنسحاب وزراء الثنائي الوطني والوزير فادي مكي مما أفقد الجلسة ميثاقها.
وعلى الضفة الأميركية حثّ الموفد توم براك الحكومة اللبنانية على الإلتزام بخطة نزع سلاح حزب الله قبلنهاية العام قائلا “أن هذه الخطوة ستفتح الطريق أمام مساعدات خليجية ولاسيما فيما يخص إعادة الإعمار.
أما على الضفة الإسرائيلية فلم يتأخر العدو في الإستثمار بحملة الحكومة لحصر السلاح وذلك من خلال تكثيف عدوانه على لبنان.
آخر فصول هذا العدوان إستهداف في البقاع واخر على طريق المصنع – الشام، وكان الإعتداء على شكل غارات جوية مكثفة على مناطق في الجنوب والبقاع الغربي وأسفرت عن سقوط شهيد وجريحين في دير سريان.
وارتباطا بالعدوان الاسرائيلي على قطاع غزة فإنّ تعطيش الفلسطينيين هناك يسابق التجويع فيما عدّاد القتل في القصف الجوّي والمدفعي لا يهدأ.
وما كان متوقعاً حصل. فوزراء الثنائي أمل وحزب الله انسحبوا من جلسة مجلس الوزراء وقد تضامن معهم لمرّة واحدة لا أكثر الوزير الشيعي المستقل فادي مكّي، مع ذلك القرار بحصريّة السلاح اتخذ ولا عودة عنه تحت أي ظرف من الظروف أو ضغط من الضغوط.
وزراء الثنائي أمل-حزب الله حاولوا قبل انسحابهم التذاكي على بقيّة الوزراء وسعوا للعودة إلى الوراء عبر الدعوة إلى انتظار خطة الجيش قبل الموافقة على حصريّة السلاح.
لكن طلبهم رفض. فما قرر قد قرر وفضل بقّية الوزراء الإنتقال إلى البحث في ورقة توم باراك، وهنا أيضاً حاول وزراء الثنائي ترحيل الموضوع عبر المطالبة بتأجيله، لكن مرّة أخرى تمّ التصدّي لمحاولتهم ما أفسح المجال للبحث في ورقة توم باراك، وقد أقرّ مجلس الوزراء الأهداف الواردة في ورقة باراك، وهي أهداف تنقل لبنان إلى مصاف الدول السيّدة والمستقلّة والمحرّرة من أي احتلال.
باختصار: الثنائي عاد إلى لغة التعطيل والسبب الأساسي في ذلك موقف حزب الله وارتباطه بإيران، فالحزب الذي خسر الحرب أمام إسرائيل وأدخل البلد في مغامرة خطرة بل دائرة جهنمية تحت عنوان: حرب الإسناد، هذا الحزب لم يفقد الأمل بعد، وهو لا يزال يراهن على لعبة الوقت، علّ وعسى، ورهانه للاسف ليس لتحقيق الأفضل والأحسن للوطنن بل بقاء لبنان رهينة الحسابات والمصالح الإقليمية وتحديدا رهينة إيران التي لا تعبأ إلآ بمصالحها ولو على حساب كل دول المنطقة وشعوبها.
وفي هذا الإطار أكدت مصادر ديبلوماسية في واشنطن أن على لبنان أن يحدد إتجاهه النهائي في القريب العاجل: فإما أن يصبح دولة مكتملة المواصفات أي من دون وجود ميليشيات خارج الدولة، وإما سيبقى خارج منظومة الإستقرار الإقليمي وخارج منظومة التطور والإزدهار.
فهل هذا ما يريده حزب الله: أن تبقى خارج القصر وأن نتراجع إلى الوراء بدلا من أن نتقدم إلى الأمام!! إن على الحزب أن يدرك أن محور الممانع ة الذي كان جزءا منه قد سقط إلى غير رجعة.
فالتشبّث بالماضي لم يعد يفيد بل هو إنتحار له ولطائفته وللوطن ككل، فهلاّ أبعد عن نفسه وعنّا كأس الإنتحار؟؟