متفرقات

كرونولوجيا البدايات \ كتب: د. قصي الحسين

“الشيء الثابت والمتعارف عليه، أن الشيخ يوسف الخازن، ولد في قرية سهيلة من أعمال كسروان سنة1871.. تلقى علومه في معهد عينطورة. ثم أكمل دراسته الجامعية… في الكلية السورية الإنجيلية( الجامعة الأميركية اليوم)… إرتحل إلى مصر موئل الأحرار في ذلك الزمان، في مطلع العقد الأخير من القرن التاسع عشر… الشيخ يوسف الخازن أول صحافي لبناني يحتل مركزا نيابيا في وطنه، وهو يعتبر في نظر النقاد من كبار البرلمانيين الذين عرفهم لبنان في فترتيه الإنتدابية والإستقلالية.”

نحتاج في كل الأوقات إلى معرفة التاريخ السابق على التاريخ. هناك حيث كانت النواة الزمنية المؤسسة، والتي أخذت في التنامي، وسبقت الأفهام والأذهان إلى الإنفجار. وصارت تتكوكب زمنا خارج الزمن وتاريخا، خارج التاريخ، وحدثا خارج الأحدث.

” الدكتور غسان الخازن: رؤية يوسف الخازن للدولة اليهودية.نلسن-2025. بيروت: 125 ص. تقريبا”،

كتاب يميط اللثام، عن تاريخ إسرائيل اليوم. يتابع رؤيويات الصحافي والسياسي والنائب في المجلس النيابي اللبناني الأول. يطلعنا على بدايات العمل السري والعلني والفردي والمؤسساتي، وكذلك على بدايات الظهور الدولتي، لإسرائيل كدولة يهودية في فلسطين.

“يعتبر هذا الكتيب من أوائل الكتابات اللبنانية حول الصهيونية… يأتي كتيب الشيخ الخازني ضمن هذا السياق، لكنه يتميز عن الكتابات التي سبقته بملامح تنبوئية مذهلة.”

لا يغيب عن بال المؤلف الدكتور غسان الخازن، تتبع الأستاذ يوسف الخازن، في حركته الصحفية والسياسية والقومية والوطنية، لكشف الأوراق الأولى للحركة الصهيونية العالمية، وهو الذي عايش زمنها، وإطلع على أسرارها. وعرف كيف كانت تستجمع القوى كلها، لإجل إختراق غلاف السرية، والظهور إلى العلن، في أروقة الأمم.

“إنطلاقا من هذا التوصيف، فللصهيونية مقدرة فائقة على الإنفتاح على جميع القوى والدوائر الإستعمارية، تؤكدها النظرية التي تقول، إن وعد بلفور الصادر في 2 تشرين الثاني1917، ليس سوى إندفاع إنكليزي لإستباق وعد مشابه كان الصهاينة يسعون لإستصداره من ألمانيا وتركيا.”

يقول الدكتور غسان كسروان الخازن، إن يوسف الخازن، كان منهمكا في مطلع حياته قبل الحرب العالمية الأولى، لمعرفة أسرار وخيوط وخطوط الفكرة الصهيونية. وكيف أنها نبتت في أذهان الكثيرين من نشطاء اليهود في أواخر القرن الثامن عشر وأوائل القرن التاسع عشر، حتى تسنى لها من كوكبها وجمعها، ووضع لها خططها ورؤاها، ومهد الطريق لظهورها. كان ذلك الرجل هو هرتزل، الذي دعا إلى مؤتمرات تأسيسية، لأجل صناعة الدولة الحلم، لدى الجماعات اليهودية.

“يذهب تيودور هرتزل إلى حد التحدث عن دولة علمانية يدين فيها كل فرد بالدين الذي يوافقه. مما يحير أحد كبار حاخامي فرنسا زادوك خان الذي يتساءل، دون أن يخلو تساؤله من مظاهر الصحة، كيف يمكن لدولة علمانية أن تكون يهودية”.

يقول الدكتور غسان الخازن، إن نسيبه يوسف الخازن، كانت له أوراقه المكتوبة وخطبه المشهورة ورسائله التي سبقت جميع المراسلات. تلك التي دونت باكرا لذلك الحدث الجام، والذي لا يزال يرخي بكلكله، على جميع الأوطان العربية والإسلامية.

“فالإستقبال الحافل الذي أعده الصهاينة على أبواب القدس للأمبراطور غليوم عام1898، ما كان ليجري لقورش نفسه.”

كان يوسف الخازن من الأوائل الذين نبهوا وأخطروا ونادوا على الملأ، أن يتنبهوا لظهور الصهيونية. ولهذا فنحن نجد فيه، ما لا نجده في غيره من الأوراق والخطب والكتابات. إنه بحق، الرجل الذي كشف البدايات الصهيونية واليهودية في المنطقة العربية. ولهذا يدعونا لقراءة ما كتبه، حتى نتيقن من بدايات الأخطار التي كانت تحدق بنا. وهي برأيه التي أسست لما نحن والعالم، تحت أثقاله حتى اليوم.

“هنيئا لليوم الذي تستطيع فيه فلسطين، بعد أن تكون قد تحررت من خوف هؤلاء الزنابير، وآوت شعبا موحدا عاملا ذكيا، أن تزين رايتها بخلية نحل مرفقة بشعار “الكل يعمل”… هذا الشعار سيناسب أرض اللبن والعسل أكثر مما يناسب نجوم تيودور هرتزل المذهبة.”

على صفحة الغلاف الخارجي لكتاب غسان كسروان الخازن، نقرأ تلك السطور:
” الدولة اليهودية في فلسطين- وجهة نظر أحد أبناء البلاد”- L,Etat juif en Palestine”، دراسة نشرها الشيخ يوسف الخازن(1871-1944) في باريس عام 191، أثناء إنعقاد مؤتمر السلم في باريس. وقد وضعت دراسة تحليلية عنها في كتاب تم نشره قبل ما يقارب أربعة عقود، لما تضمنته هذة الدراسة من رؤية شاملة ومقاطع نبوئية عن الصهيونية ونهمها التوسعي.”
ثم يقول:
” والشيخ يوسف الخازن صحفي وسياسي، أمضى فترة طويلة من حياته في مطلع الإنتداب الفرنسي وإنتخابه نائبا عن جبل لبنان لثلاث دورات متتالية( 1922- 1932) ، وقد جمع إلى قلم لاذع، ثقافة موسوعية… وقد توفى في إيطاليا التي إلتجأ إليها هربا من قوات الحلفاء… فكانت هذة النهاية في المنفى، النتيجة الطبيعية لحياة هذا الطائر الذي لم يتهيب أن يغرد خارج سربه”.

د. قصي الحسين
أستاذ في الجامعة اللبنانية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى