
تناقض ونكايات وإنعدام وزن في لبنان!.. غسان ريفي
العهد الجديد في لبنان مطوّق أميركيا ودوليا، ومضغوط عربيا، ومحرج داخليا، خصوصا أنه مطلوب منه الكثير مقابل وعود ما تزال في مهب الريح، لا سيما سحب سلاح المقاومة في ظل إحتلال إسرائيلي يصعّد من إعتداءاته وعدوانيته ويجتاح السيادة اللبنانية برا وبحرا وجوا من دون حسيب أو رقيب.
رئيس مجلس النواب نبيه بري يحاول إيجاد التوازن بين الحفاظ على الطائفة الشيعية ومنع محاصرتها وإحساسها بالضعف أو التهميش، وحماية المقاومة إيماناً منه بأنها القوة التي ما تزال قادرة إلى جانب الجيش والشعب على حماية لبنان وبين مهامه ومسؤولياته الرسمية.
رئيس الحكومة نواف سلام الآتي من البعيد يريد تطبيق كل الايديولوجيات اليسارية على بلد الطوائف والمذاهب والتوازنات والحساسيات دفعة واحدة، ولا يمتلك أن يقدم للشعب اللبناني سوى النظريات البعيدة عن الواقع، كما فعل عندما ذهب إلى الجنوب خالي الوفاض إلا من تصريحات أثارت غضب أبناء البلدات والقرى الحدودية الذين أخذوا عليه عدم ذكر المقاومه وتوجيه التحية لشهدائها، وواجهوه بالاحتلال المتواجد في النقاط الخمس وبإعادة إعمار ما دمره العدو الإسرائيلي.
حزب الله ما يزال قادرا على المقاومة، لكنه يسلم الدولة مقاليد التفاوض سياسيا ودبلوماسيا لإنهاء الإحتلال بالرغم من عدم إقتناعه بجدواه، فيما الدولة تؤكد على ضرورة أن يكون قرار الحرب والسلم في يدها لكنها عاجزة عسكريا عن مواجهة العدو المحتل لأرضها وتمنع في الوقت نفسه من يمتلك القدرة على مواجهة هذا العدو من مقاومته، وفي نفس الوقت هي تمنع وصول الأموال إلى المتضررين لإعمار منازلهم وتسطر محاضر ضبط بمن يبادر إلى إعادة بناء منزله على نفقته الخاصة وتعجز عن تأمين هذا الإعمار، وتخضع لشروط بالغة الصعوبة لتمويله عربيا أو دوليا.
التيارات السياسية تعتمد رفع السقوف والمواقف الشعبوية على مسافة ثلاثة أشهر من الإنتخابات البلدية (في حال حصولها) وسنة وثلاثة أشهر على الإستحقاق النيابي، في محاولة لاسترداد شعبية هنا وإستجداء عطف هناك وقد كانت بروفة جلسة الثقة بالحكومة والكلمات التي وصلت إلى حدود الخمسين بداية لممثليها النواب ممن وجدوا في منبر البرلمان فرصة للإطلالة على جمهورهم عبر الهواء مباشرة ومن دون أي كلفة.
أما المتشدقون بالسيادة من أصحاب الرؤوس الحامية فحدث ولا حرج، فهم يهبّون ويطلقون العنان لشعاراتهم لأبسط الأمور، ثم يبلعون ألسنتهم ويدفنون رؤوسهم في الرمال كالنعامة أمام أعظمها وأخطرها، وفق قاعدة تصريح من خارج الحدود أو إرسال أموال وهبات لإعادة الإعمار جريمة لا تغتفر، وإحتلال إسرائيلي للبنان وإعتداءات وإغتيالات وتدمير وتهجير وتدخلات أميركية تمنح العدو الضوء الأخضر للبقاء في النقاط الخمس فمسألة فيها نظر.
لا يتوانى هؤلاء عن الاستقواء بالخارج على أبناء بلدهم وهم يُمعنون في تصريحاتهم الاستفزازية التي تتبنى الموقف الإسرائيلي وصولا إلى التهديد بالعدو، والتشديد على ضرورة أن ينفذ لبنان القرار ١٧٠١ وإتفاق وقف إطلاق النار بكامل بنودهما، متجاوزين بذلك إسرائيل خوفا من غضب ولي الأمر.
منذ تأسيسه ولبنان بلد قائم على التوازنات والتسويات وأي إخلال بهذه المسلمات والثوابت، معطوفة على الرضوخ للأمر الواقع الاسرائيلي إحتلالا وإعتداءات، سيؤدي إلى توترات وعدم إستقرار خصوصا أن أجواء المنطقة برمتها باتت جاهزة للإنفجار..
حمى الله لبنان!..