عربي

نداء في الذكرى 106 لميلاد الرئيس القائد الخالد الذكرجمال عبد الناصر من الاستاذ حمدين صباحي امين عام المؤتمر القومي العربي

تمّر بنا هذا العام ذكرى ميلاد القائد الخالد الذكر جمال عبد الناصر فيما يواجه شعبنا العربي الفلسطيني في قطاع غزة المقاوم ومعه الضفة الفلسطينية المجاهدة ومعها أبناء القدس الابطال مواجهة غير مسبوقة في عصرنا الحديث، مسلحين بإيمان لا يتزعزع، وتمسّك بالحق لا يلين ولا يستكين، وبمقولة خالدة للزعيم الخالد “ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة…”
وما يعطي هذه المناسبة بعداً هاماً هو أن غزة، وفي القلب منها الفالوجا، هي الأرض التي انطلقت منها فكرة ثورة 23 يوليو في عقل جمال عبد الناصر، وهي ثورة مهما قيل فيها ، تبقى نقطة تحوّل كبرى في حياة أمتنا المعاصرة ، كما ستبقى ملحمة “طوفان الأقصى” اليوم نقطة تحوّل اخرى في حياة أمتنا والاقليم والعالم كله…
إن اعظم احتفالات تقام في ذكرى ميلاد الزعيم الذي ارتبط اسمه بفلسطين هو تلك البطولات التي يبديها مقاومونا في غزة وفي مقدمها دم ابطال كتائب عز الدين القسام ورفاقهم في الفصائل الفلسطينية، وينتصر لهم أخوة في فلسطين كلها، ومعها لبنان واليمن والعراق وسورية و وكافة شرفاء امتنا العربية والاسلامية واحرار للعالم وجماهير أمتنا من المحيط الى الخليج وصولاً الى هذه الحركة الدولية الرائعة التي تملأ عواصم العالم ومدنه لتؤكد الطبيعة الإنسانية الاصيلة لمعركتنا مع الصهيونية والاستعمار .
إن العلاقة بين جمال عبد الناصر وفلسطين عموماً، وغزة خصوصاً ، لم تكن علاقة عادية بين أي عربي وبين فلسطين وما تمثل في تاريخ الامة وضميرها، بل كانت علاقة خاصة رافقت العديد من التحولات التي شهدتها مصر وفلسطين والأمة العربية منذ عام 1952 ، حين قامت ثورة يوليو، حتى رحيل القائد الخالد في سبتمبر عام 1970.
فمعركة تأميم قناة السويس عام 1956 والمرتبطة بمعركة السد العالي والعدوان الثلاثي انما انطلقت من غزة حين طلب ناصر سلاحاً من الغرب لمواجهة عدوان صهيوني آثم على غزة فرفضوا تسليح مصر، فتوجه الى المعسكر الشرقي فكان وقف تمويل السد العالي، فرّدْ مصر بتأميم قناة السويس، فكان العدوان الثلاثي البريطاني- الفرنسي – الإسرائيلي عام 1956، لتدخل المنطقة ومعها العالم كله في مرحلة سقوط الاستعمار القديم ممثلاً بالإمبراطوريتين البريطانية والفرنسية وليدخل العالم مرحلة جديدة قائمة على الصراع بين قوتين هما الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد السوفياني.
فما أشبه الليلة بالبارحة، عدوان على غزة يواجه مقاومة بطولية والتفافاً شعبياً عربياً وأممياً هائلاً رغم التضحيات الكبرى التي خلفها وما زال الوحش الصهيوني في أهل غزة اطفالاً ونساءً وشيوخاً ، مساجد وكنائس وجامعات ومدارس ومستشفيات.
وليتضح للعالم كله أي مأزق يعيشه الكيان الصهيوني وحلفاؤه، لا سيّما الإدارة الأميركية المرتبكة التي تتورط في الحرب في المنطقة وتشن عدوانها على اليمن في أمر يذّكر بما شهدته اليمن بعد ثورتها المجيدة عام 1962 حين انتصرت مصر وعبد الناصر لطموحات شعب اليمن.
ان استعراض هذه المراحل من تاريخنا المعاصر ليس عودة الى الماضي بقدر ما هو استشراف للمستقبل الذي لا تتحقق فيه اهدافنا الاّ اذا قرأنا الماضي بعين مستبشرة بالتقدم والنهوض والتحرر، وبعزم حريص على الاستفادة من التجارب.
ولعل الدرس الاهم هو الرابط الهام الذي ادركته باكراً الحركة الثورية العربية هو العلاقة الوثيقة بين تحرير فلسطين ونهوض الامة القائم على الوحدة والعدالة والحرية والتقدم.

 حمدين صباحي 

الأمين العام للمؤتمر القومي العربي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى