
قراءة في عنصرية «العهد القديم » والتلمود:عبودية التطبيع و الصلح المذلالمؤرخ و الكاتب السياسي د. حسن محمود قبيسي
في منطقتنا العربية أزمة مستعصية نتيجة عنصرية أدبيات العهد القديم – لا توراة النبي موسى (ع) – ومنظورات تلمودية وأطماع يهودية ، ترجع إلى قرونً من الزمن ، فغدت ( الأزمة ) قضية إقليمية مركزية : «القضية الفلسطينية » نتج عنها تداعيات كاريثية هي اعتداءات متعاقبة و تهديد مستدام وزعزعة للأمن و الاستقرار .
العهد القديم و التلمود
في الوقت الذي ترى فيه الثقافة اليهودية أن جميع الأسفار الخمسة : التكوين والخروج واللاويين والعدد والتثنية، بمثابة نصوص يهودية تضع الأساس للقانون والعادات اليهودية، وتضم الشرائع والوصايا والروايات والتعاليم الأخلاقية التي تلعب دورًا أساسيًا في الممارسات اليهودية، كتبها النبي موسى في وقت ما في الألفية الثانية قبل الميلاد، إلا أنه ومنذ القرن السابع عشر الميلادي رفض ويرفض علماء بارزون فكرة التأليف الموسوي.
يرى مؤرخون محدثون أنها نتاج عملية جمع وتأليف متعددة على مدى فترة طويلة، شارك فيها مؤلفون مختلفون وتعتمد على مصادر متعددة. وهناك خلاف كبير بين العلماء حول تفاصيل تلك العملية الدقيقة، وعدد المؤلفين، وتاريخ التأليف، ولكن الاتجاه العام في الدراسات الحديثة هو الاعتراف بالشكل النهائي للتوراة ( العهد القديم ) كوحدة أدبية ناضجة اعتمدت على مصادر سابقة مكتملة في الفترة الفارسية (القرن الخامس ق-ب تقريبًا).
ويرجح باحثون أن كتبة سفر التثنية هم كهنة من «مملكة إسرائيل» والاعتقاد السائد أن عزرا الكاتب ( عزرا الكاهن) الذي عاش في القرن الخامس قبل الميلاد، ، هو وكتبة عملوا تحت إمرته من جمع وحرر نصوص التوراة ، بتعيين من ملك فارس أرتحششتا، فجمعوا الكتابات العبرية القديمة، وصنعوا كتابًا واحدًا بأشرافه منح فيه الأولوية للمصدر الكهني، لأنه كان كاهنا بنفسه.
ويعتقد باحثون أن نصوص التوراة لم تكتب كقطعة واحدة، وإنما هي ثمرة عمل أجيال من الكتبة، الذين أضافوا «طبقات على ظهر طبقات» من النصوص. ولا يستبعد الباحثون احتمال استمرار تعديل النص التوراتي بعد تحريره حتى أصبح بالشكل الذي نعرفه اليوم.
وأنا من الذين يميلون إلى الرأي الأول ،فهومن أُوحي إليه بالتوراة ، وما هو متنداول اليوم إنما هو العهد القديم وارتكازًا إلى ما فيه من تجديف بالعزة الإلهية و مزاعم وافتراءات على الرسل والانبياء والبشر، كانت كل أزمات البشرية مع التلموديين .
على العكس من التوراة و«العهدالقديم » حتى ، فالتلمود عبارة عن مجموعة من التعاليم والتعليقات على «العهد القديم » ، كما يضم تفسيرات ومناقشات مضللة تتعلق به أسهم بها الحاخامات على مدار قرون عديدة.
التلمود بمكونيه «الميشنا والجمارا » يتعمق في مجموعة واسعة من المواضيع، منها القانون المدني والقانون الجنائي وكيفية ممارسة الطقوس، بالإضافة إلى الأخلاق واللاهوت والفولكلور، كما يقدم تفسيرات مفصلة لتعاليم «العهد القديم »
مزاعم من العهد القديم
جاء في سفر التثنية (الإصحاح 14\2): «لأنك شعب مقدس للرب إلهك، وقد اختارك الرب لكي تكون له شعبًا خاصًا فوق جميع الشعوب الذين على وجه الأرض».
وفي سفر اللاويين (الإصحاح 20 \24-26): «أنا الرب إلهكم الذي ميزكم من الشعوب… وتكونون لي قديسين لأني قدوس أنا الرب. وقد ميزتكم من الشعوب لتكونوا لي»..
وفي اصحاحات من العهد القديم : «كُلُّ مَكَانٍ تَدُوسُهُ بُطُونُ أَقْدَامِكُمْ يَكُونُ لَكُمْ. مِنَ الْبَرِّيَّةِ وَلُبْنَانَ. مِنَ النَّهْرِ، نَهْرِ الْفُرَاتِ، إِلَى الْبَحْرِ الْغَرْبِيِّ يَكُونُ تُخْمُكُمْ.» (تث 11: 24) .
«فِي ذلِكَ الْيَوْمِ قَطَعَ الرَّبُّ مَعَ أَبْرَامَ مِيثَاقًا قَائِلًا: «لِنَسْلِكَ أُعْطِي هذِهِ الأَرْضَ، مِنْ نَهْرِ مِصْرَ إِلَى النَّهْرِ الْكَبِيرِ، نَهْرِ الْفُرَاتِ.» (تك 15: 18).
وعن كيفية إذلال المغلوبين : «الذين لا يؤمنون بتعاليم الدين اليهودي وشريعة اليهود، يجب تقديمهم قرابين إلى إلهنا الأعظم». و « حين تقرب من مدينة لكي تحاربها استدعها إلى الصلح، فإن أجابتك إلى الصلح وفتحت لك، فكل الشعب الموجود فيها يكون لك للتسخير ويستعبد لك. وإن لم تسالمك، بل عملت معك حرباً فحاصرها، وإذا دفعها الرب إلهك إلى يدك فاضرب جميع ذكورها بحد السيف، وأما النساء والأطفال والبهائم وكل ما في المدينة، كل غنيمتها فتغتنمها لنفسك، وتأكل غنيمة أعدائك التي أعطاك الرب إلهك». آية (تث 20: 10
في سفر التكوين 15: 18-21 ، تحديد الأرض التي أعطيت لجميع أبناء إبراهيم ( ع) ، بمن في ذلك إسماعيل جد العرب- وهم وحدهم أحفاد إبراهيم – وهو يصف مساحة كبيرة «من جدول مصر إلى نهر الفرات»، التي تضم كل من «إسرائيل الحديثة» والأراضي الفلسطينية ولبنان وسوريا والأردن والعراق، وكذلك الكويت والسعودية والإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان واليمن ومعظم تركيا والأرض الواقعة شرق نهر النيل.
معتقدات التقت مع مصالح الغرب ، فكانت وعود نابليون بونابرت لليهود بدولة في فلسطين، حيث أصدر في عام 1799 بياناً خلال حملته العسكرية في المنطقة، دعا فيه يهود آسيا وأفريقيا للانضمام إليه ل«استعادة وطنهم». وبعده تخطيط الحركة الصهيونية في مؤتمر بال يوم 29 /7 / 1897 للاستيلاء على فلسطين ، ودعم بلفور لهم بوعده المعروف في 2 /11/ 1917، حتى تم لهم ذلك بمرحلة أولى سنة 1948 – 1949 ؛ فنتج عن ذلك ما يُعرف ب« القضية الفلسطينية »، وهي في الواقع قضية عربية شاملة بامتياز، بالاعتداءات المتواصلة على البلاد العربية المعززة بالدعم الغربي و التهديدات المستمرة والتهويل الأميركي، مما كرس الكيان الصهيوني مبعث حروب استنزاف المسماة – تجاوزات- وقت تخف حدة الاعتداءات الوحشية .
غرور ووقاحة و تجديف بالعزة الإلهية في الإصحاح 32 من سفر التكوين ،أن تصارع يهوه مع يعقوب ( 24 -30):
فبقي يعقوب وحده، وصارعه إنسان حتى طلوع الفجر، ولما رأى أنه لا يقدر عليه، ضرب حق فخذه، فانخلع حق فخذ يعقوب في مصارعته معه،وقال: أطلقني، لأنه قد طلع الفجر. فقال: لا أطلقك إن لم تباركني،فقال له: ما اسمك ؟ فقال: يعقوب، فقال: لا يدعى اسمك في ما بعد يعقوب بل إسرائيل، لأنك جاهدت مع الله والناس وقدرت، وسأل يعقوب وقال: أخبرني باسمك. فقال: لماذا تسأل عن اسمي ؟ وباركه هناك ، فدعا يعقوب اسم المكان فنيئيل قائلا: لأني نظرت الله وجها لوجه، ونجيت نفسي.
يتضمن التلمود أيضًا مناقشات حول مسائل عملية مما يجعل منه دليلًا شاملًا لجميع جوانب الحياة اليهودية .
جاء في التلمود : «كل اليهود مقدسون.. كل اليهود أمراء.. لم تخلق الدنيا الا لبني إسرائيل.. لا يدعى أحد ابنًا للرب إلا بنو اسرائيل.. لا يحب الله أحدًا إلا بني إسرائيل» (المشنا: على لسان الحاخام عكيفا).
فبزعم التلموديين أن كل ما في الدنيا ملك لهم، فالله منحهم كما يزعمون حق التصرف والتملك المطلقين لكل شيء، حتى ولو كان مملوكًا لأحد من الناس، ولم يتورعوا عن سلوك همجي، أو التوسل بأحط الوسائل للاستيلاء على أموال الآخرين، وتملكها والسيطرة عليها، بعدما أباحت لهم كتبهم المقدسة وخاصة التلمود، بل وزينت لهم السطو على أموال الآخرين وممتلكاتهم وغشَّهم وسلبَ أموالهم، من منطلق أنهم مساوون للعزة الإلهية، وأن الله تعالى- جعلهم فوق مستوى كل المخلوقات. وعلى سبيل المثال لا التعداد:
فالسرقة من الأجانب ليست سرقة عندهم بل استردادًا لأموالهم، فإذا قال الحاخام التلمودي: لا تسرق، يكون الغرض من ذلك عدم سرقة اليهودي، وأما الأجنبي فسرقته جائزة؛ لأنهم يعتقدون أن أمواله مباحة، ولليهودي الحق في وضع اليد عليها.
وفي التلمود: «مسموح غش الأميّ، وأخذ ماله بواسطة الربا الفاحش، لكن إذا بعت أو اشتريت من أخيك اليهودي شيئًا فلا تخدعه ولا تغشه!». أما الربا فمحرم بين الإسرائيليين بعضهم لبعض، وادَّعى أحد الحاخامات أن أقوال موسى بخصوص الربا صدرت بصيغة الأمر.
في العهد القديم : «لا تشته امرأة قريبك، فمن يزني بامرأة قريبه يستحق الموت،» ولكن التلمود لا يعتبر القريب إلا اليهودي فقط؛ فإتيان زوجات الأجانب جائز، واستنتج من ذلك الحاخام (رشي) أن اليهودي لا يخطئ إذا تعدَّى على عرض الأجنبي؛ لأن كل عقد نكاحٍ عند الأجانب فاسد؛ لأن المرأة التي لم تكن من بني إسرائيل هي كبهيمة، والعقد لا يوجد في البهائم وما شاكلها، وقد أجمع على هذا الرأي الحاخامات: (بشاي، وليفي، وجرسون)، فلا يرتكب اليهودي محرمًا إذا أتى امرأة مسيحية. (الكنز المرصود في قواعد التلمود) ص95 ، وما بعدها .
وقال موسى بن ميمون (ميموند) : إن لليهود الحق في اغتصاب النساء غير المؤمنات، أي غير اليهوديات!!، وقال الحاخام (تام) (الجيل الثالث عشر في فرنسا ) إن الزنى بغير اليهود ذكورًا كانوا أو إناثًا لا عقاب عليه؛ لأن الأجانب من نسل الحيوانات»، ولذلك صرَّح الحاخام المذكور ليهودية أن تتزوج بمسيحي تهوَّد، مع أنها كانت رفيقة له غير شرعية قبل الزواج، فاعتبر العلاقات الأصلية كأنها لم تكن لأنها أشبه شيء بنكاح الحيوانات!. (الكنز المرصود في قواعد التلمود) ص 174
كان لتعاليهم وانعزاليتهم و لتعاطيهم الربا أثر واضح في غضب شعوب أوروبا و العالم على اليهود وكرههم لهم ، إلا أن العمل المركزي في نقمة العالم عليهم كان « فرية الدم » ، باستنزال دماء أطفال مسيحيين لصنع فطيرة الفصح اليهودي .
لليهود في استنزاف دماء ضحاياهم طرق متعددة إن بوساطة البرميل الإبري ،وهو عبارة عن برميل يتسع لجسم الضحية مثبت على جميع جوانبه إبر تغرز في جسم الضحية عند وضعها بالبرميل؛ لتسيل الدماء ببطء من كل جزء من أجزاء الجسم، مقرونة بالعذاب الشديد الذي يعود باللذة على اليهود الذين ينتشون برؤية الدم ينزف من الضحية ويسيل من أسفل البرميل إلى إناء معد لجمعه. ذلك ارتكازًا إلى اعترافات يهود شاركوا في ارتكاب ما يًعرف ب «فرية الدم» ؛ ولا تتم أفراح اليهود في أعيادهم إذا لم يأكلوا الفطير الممزوج بدم غير اليهود،. كان اليهود في الماضي يفضلون دم المسيحي نظراً للأحقاد الدينية التي يضمرونها للمسيحية وللمسيحيين ثم أضيف المسلمون بعد ذلك.
مع هؤلاء يدعوننا إلى الصلح والتطبيع، والتخلي عن كل عناصر قوتنا المدنية منها و العسكرية ل«طمأنة إسرائيل و ضمان أمن ناسها » كما يؤكد ترامب و مبعوثوه .
مع من لايرضون حتى بتفاوض بين عدوين ، عدواني تلمودي صهيوني عنصري يواصل اعتداءاته – يسميها متصهينون وعملاء للتلموديين: تجاوزات – ويعمل لقتتال لبناني لبناني . يحتل أرضنا ويعتقل أهلنا ويقتل شعبنا ويغتال خيرة شبابنا حتى المدنيين منهم، إضافة إلى كبار السن و نساء و أطفال، ويمنعهم من جني محصولاتهم وإنعاش اقتصادهم، بمساعدة من من يحجبون استثماراتهم من العرب عن لبنان وشعبه ،وإزالة ردم ما هدمه ومنع إعادة إعماره بقصف آليات تساعد على إعادةالإعمار ، و بين مدافع عن وطنه و مواطنه .
يدعوننا ، نتنياهو وناسه وتر امب وأتباعه و المتصهينون العرب و اللبنانييون إلى مفاوضات تطبيع استسلامي وصلح مذل ، وهذا لن يكون إلا إذا ….
للبحث صلة
تفاوضون من ؟!
