مقالات

الحاضر التعيس والغد المجهول

عمر عبد القادر غندور/عضو قيادة جبهة العمل الاسلامي في لبنان

تتلبد الغيوم السوداء اكثر واكثر في سماء الشرق الاوسط بسبب الطموحات الإسرائيلية التي لا حدود لها، وتكاد الولايات المتحدة لا تلحق بجميع إشكالات الشرق الأوسط التي يتقدمها رئيس وزراء العدو نتنياهو الذي تطارده ايضا ملفاته القضائية التي يراها الوسيلة الافضل للافلات من المساءلة ، ويواصل هروبه الى الامام بعد مجازر قطاع غزة واحتلاله لارض في الجنوب اللبناني تحت مظلة جوية متفوقة في لبنان واليمن والخليج العربي، وكلما نجح في تسجيل نقاط ميدانية اكبر، كلما ابتعد عن قوس المحاكمة، ولا ندري الى متى يتحمل الرئيس الاميركي دونالد ترامب “مغامرات” وشطحات “بيبي” بغض النظر عن حاجة الولايات المتحدة الى هذه المغامرات قبل ان يجف الحبر على وثيقة ” سلام غزة” !!
ولا شك ان نتنياهو يملك فرصتين نادرتين هما سورية ولبنان وهو يعلم ويدرك الاهتمام الاميركي بالشرق الأوسط في الحسابات الاميركية ومدى التحولات والصراعات التنافسية بين القوى الإقليمية في المنطقة بالإضافة الى ٤٨٪ من احتياطات النفط العالمية و ٤٠٪ من احتياطات الغاز الطبيعي ما يجعل الشرق الأوسط اكثر اهمية للاقتصاد العالمي ويشكل اهمية قصوى لا غنى عنها
ولا ندري اذا كانت “شهوة” إسرائيل الى التوسع على حساب غيرها هي مجرد “احلام يقظة” يهودية، ام انها فصل من توزيع الادوار !!!
وفي هذا السياق، يرى مراقبون ان إسرائيل لا تجد نفسها مضطرة لتقديم تنازلات في لبنان لانها باتت تملك القيام بأي شيء تريده بالقوة ولا ترى ان لبنان مؤهل فعليا للرد على اعتداءاتها ولا ترى انسجاما بين المكونات اللبنانية ، ولا ندري اذا كانت إسرائيل ترغب في إجراء مفاوضات مباشرة او غير مباشرة مع اللبنانيين، فيما ينتظر اللبنانيون ما سيأتي به الغد، وانتظار وصول السفير الأميركي الجديد ميشال عيسى اللبناني الاصل الذي ولد في بلدة بسوس في قضاء عاليه وامضى طفولته في بيروت قبل ان ينتقل الى الولايات المتحدة ليصبح رجل اعمال ومستثمر دبلوماسي أمريكي من اصل لبناني وهو خبير في مجالات متعددة وصاحب سمعة قوية في مجال ادارة الازمات ومواجهة التحديات المالية المعقدة
وينتظر اللبنانيون ايضا وصول الموفدة الاميركية توم مورغان اورتاغوس من دون مواعيد لزيارات سياسية حتى الان وحذر قائد مشاة البحرية الأمريكية اريك سميث من حرب متوقعة على إيران
وفي الساعات الماضية شن العدو غارات عنيفة على البقاع والجنوب واوقع شهداء وجرحى… وربما مهاجمة ايران رغم استبعاد بوتين لهذا الاحتمال …
بانتظار القادم نتذكر نبوءة وتحذير الكاتبة والادبية السورية غادة السمان التي كتبت رواية “كوابيس بيروت” عام ١٩٧٦ تناولت فيها استشرافاتها عن المدينة التي احبتها وتقول: قبل أن أكتب “بيروت ٧٥” جلت في المناطق اللبنانية كلها حيث الفقر والمعاناة..زرت مستشفيات المجانين والسجون وعايشت معذبي المجتمع… وركبت القوارب مع الصيادين ليلا…
من تلك التجربة العميقة رأيت كثيرا من الدماء وتحولت بيروت ٧٥ الى عمل استثنائي سبق الحرب قبل ان تشتعل شرارتها.
ويطل القمر ملونا بالدم … وفي المشهد الاخير من روايتها تقول: يخرج “فرح” من مستشفى المجانين ويسرق لافتتها ويعلقها على مدخل بيروت بدلا من لافتة المدينة
الى متى تستمر الحروب ويتواصل ازهاق الارواح، ومتى ينتصر الحق على الباطل
“وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَىٰ ۗ بَل لِّلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعًا ۗ أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا أَن لَّوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعًا ۗ وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُم بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِّن دَارِهِمْ حَتَّىٰ يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ (31)الرعد”
والحمد لله رب العالمين

رئيس اللقاء الاسلامي الوحدوي
بيروت في ٢٧/١٠/٢٠٢٥

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى