مقالات

في فلسطين المبتدأ ومن غزة الخبر ، ارادة الحياة هي الاقوى .نبيل الزعبي

وطنُّ يغوص في الوهن ما عاد
يجمعنا ، ولا عاد الوهم يقتنص امانينا
او يوحدنا وهو يُمعِن بالمآسي والألم بيننا .
هي النكبات والمِحَن ،
ما جعلت من الموت حَكَماً في تركيب النهايات ،
ومن جنازة الفرد الواحد إلى جنازة ضمير واخلاق وما يسمى بحقوق إنسان في زمن الجفاء والقحط الاخلاقي وانتصار الشر على كل منظومات القِيَم .
هو شعبُّ باكمله يودِّع بعضه بعضاً ويكلِّلُه بالكَفَن لينتظر من يتكفّل بالمناوبة الأخرى ،
أَوَ ليس ذلك ينطبق على شعب الجبارين يا سادة !
الشعب الذي ما عاد يضاهيه شعبُّ واممُّ على كل الكرة الأرضية ، في الذهاب إلى الموت بكل أريحية واطمئنان .
هو الذي ينتمي إلى وطنٍ اسمه فلسطين ، كانت وستبقى ارض الرسالات ومهبط الأسراء والمعراج وحاضنة ثالث الحرمين الشريفين وأولى القبلتين وكنيسة القيامة ومهد المسيح
لتحتضن اليوم ساحة كبرياءٍ وشرف اسمها غزة ، وقد أضحت
المُسَمَّى الذي به تجاوزت كل المسميات بعد ان تحولّت إلى ايقونةٍ ورمزٍ لا يضاهيها من المعاني سوى اسمها ،
كل ترابها اليوم يتحول إلى مقبرة جماعية ،
وتربتها تحتضن اشرف وانبل وأروع البشر ،
فيها تُنسَجُ كل الأحرف والجُمَل والحكايات ،
وما عاد ادب العرب يحتاج إلى الأصفهاني والجاحظ وابن عبد ربه ،ليروي لنا ما يحصل في مجتمعٍ فريد ذُوِّبت فيه كل الفوارق الطبقية والاجتماعية ،
ولتجمع الشهادة بين الكبير والصغير ،القائد والخفير ، الغنيُّ والفقير ، الكهلُّ والشاب والثكلى والطفلُّ والرضيع .
كلهم اليوم شهداء في وطنٍ تحوّل بدوره وكل من فيه إلى مشروع شهيد يرفع شارة النصر بكلِّ شموخٍ وكبرياء ،
فلمن تُقرَع الأجراس بعد اليوم ان لم تكن في سبيل غزّة !
ولمن تصدح المآذن بالتكبير ان لم يكن الدعاء فرض عين في سبيل شعب غزة !
واية شرعة دولية ستحكم !
ان لم يكن ما يجري على ارض غزة في صُلبِ رفع الظلم والدفاع عن الشعب المصلوب امام أعين العالم اجمع على ايدي اشرار لم يعد ليردعهم سوى شعور هذا العالم المتخاذل بجبنه وتواطئه وكيف سيواجه شعوبه المنتشرة في الشوارع والساحات تهتف لغزة والانتقام من كل من تلطخت اياديهم بحرب الابادة التي آن ايقافها ومعاقبة المعتدين .
هو تاريخنا الجديد تتعلمه اجيالنا ويجِبُّ ما قبله من تآريخ لم تعد تصلح لاستنهاض وطن ان بقيت الحسرات على الماضي هي الادبيات الرائجة والبكاء على الأطلال لا تكفيه دموع الندامة ، والفخر في سبيل استعادة شرف الامة سيذهب كغثاء السيل الذي تذروه الرياح ان لم نتدارك حجم المآسي ونتحسَّب لما يحمله لنا الغد من مصير .
نحزن لاجل غزة !نعم ،،
ونفرح مع اهل غزة باندحار العدوان والعودة إلى الحياة من جديد والتشبُّث بالحجارة الباقية اثراً لكلِّ ما دمره العدوان من مبانٍ وعمارة وشوارع وطرق !
نعم ونعم ،،،
فإلى اهل غزة ،
الى كل طفلٍ وثكلى ومجاهدٍ وشيخ وجريح وشهيد ودّع شهيداً في غزّة نقول :
سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بمَا صَبَرْتُمْ يا انبل وأشرف وأقدر البشر وانتم تزحفون بمئات الآلاف من جنوب القطاع إلى شماله حيث هي غزة وقد تحوّلت إلى بوصلة إشعاع وعنوان كرامة ورمز صمود وإباء ،
سلامُّ عليكم وعلى أصلاب الرجال وأرحام الامّهات وكلّ وليدٍ جديد يحمل بذور “جينات” قضية لا يمكن ان تموت اسمها فلسطين ،
اما عندما تقول الإحصاءات ان مقابل ٦٧ الف شهيد قضوا نحبهم في غزة ، سجّلت الأرقام فوق المئة الف مولودٍ جديد ، فتتساءل في نفسك : اية قوّة مهما امتلكت من جبروت على هذه الارض تستطيع تركيع هذا الشعب او اقتلاعه من ارضه او حتى قتله وإبادته .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى