
الحقائق الكبرى التي نتجت عن طوفان الأقصى : محمد أسوم
ليس طوفانا عسكريا وحسب ، وليس مجرد عملية مقاومة تريد تحرير أرضها فحسب ، إنه طوفان هادر في العالم على صعيد إظهار الحقائق ، وتمييز الحضارات ، وتصحيح التصورات ، وتحديد المسارات ….
طوفان لن يتوقف حتى لو توقفت الحرب ، بل ستظل أمواجه تتلاطم لتصل إلى تغيير حقيقي في الأمة وفي العالم كله ..
سأذكر عددا من هذه الحقائق الكبرى :
١- الكيان الإسرائيلي هو الحملة العاشرة للحروب الصليبية على عالمنا العربي ..
الغرب الأوروبي والأمريكي يتحكم في بلادنا من خلال دعمه بكافة عوامل القوة والبقاء والاستمرار
فالحروب الصليبية لم تنتهي ، إنما نعيش الحملة العاشرة منها (ثمانية حملات في العصر العباسي ) (حملة الاستعمار في الحربين العالميتين ) (حملة إقامة كيان بني صهيون في فلسطين )
٢- هذا الكيان يعيش على أوكسيجين الدعم الكامل من الغرب الصليبي ، والخيانة الكاملة من الأنظمة الوظيفية العربية ..
وهو كيان هش للغاية ، يمكن زواله بسهولة إذا انقطع حبل من هذين الحبلين …
٣- الحضارة الغربية غيرت الشكل الظاهري للأوروبيين ولم تغير الجوهر ..
جوهر الغرب سفك الدماء والإبادات الجماعية مع الغرق الكامل في الملذات والإباحية دون التخلي عن روح الصليبية ..
كل ذلك تم تغليفه بغلاف علماني كاذب يدعي حقوق الإنسان ، وبتقدم علمي وتقني تم تسخيره لاستعباد الشعوب وسرقة ثرواتها والتحكم بها …
٤- الله وحده هو الذي يحكم ما يريد ، وليس امريكا أو أوروبا ..
والمتتبع لعدد الهزائم والانتكاسات التي مروا بها يدرك ذلك تماما ..
فعلى سبيل المثال : بعد ١١ سبتمبر أعلنت أمريكا حربا صليبية شاملة ، فقامت باحتلال العراق وافغانستان ، وتغيير المناهج الدراسية ، وتوظيف الأنظمة العربية بالقمع ، وتجفيف المنابع المالية…
كل ذلك بهدف القضاء على روح الجهاد في الأمة …
وكانت النتيجة : هزيمة مذلة في العراق وأفغانستان ، وربيع عربي هادر بالثورات ، وطوفان جارف في فلسطين ..
٥- استراتيجية الإبادات الجماعية لا تنفع مع المسلمين أبدا ، بل تزيدهم إصرارا على الجهاد والتضحيات ..
نجحت هذه الاستراتيجية مع الهنود الحمر ، أما مع المسلمين ، فعبر التاريخ ، لم تحصد إلا الفشل الذريع ..
وسبب ذلك هو طبيعة الإيمان في ديننا ..
فنحن نؤمن أن الموت والحياة بيد الله
ونؤمن أن النصر والهزيمة بيد الله ..
ونؤمن أن الشهادة في سبيل الله فوز وانتصار ..
٦- الجيش الصهيوني لا يمتلك المبادرة الفردية في القتال ، وهذه حقيقة قرآنية رأيناها بأم أعيننا في حرب غزة ولبنان
فالله تعالى قال : ((لا يقاتلونكم جميعا إلا في قرى محصنة أو من وراء جدر ..))
فهذا الجيش لا يتقدم إلا في أرض محروقة ، وإذا تقدم ، تقدم كقطيع أي مجموعات أو كتائب أو ألوية
أما نحن فقتالنا يقوم أساسا على الاندفاع الفردي المنضبط بقواعد الجماعة ..
بمعنى أن هناك الآلاف ممن يتقدمون ويقتحمون ويلتحمون ، ويضعون العبوات اللاصقة على الدبابات دون أن يهابوا أو يترددوا ..
٧- النظام الدولي انتهى ، دفنته أمريكا، لكنها لم تحث التراب عليه بعد…
كل مواثيقه لم تعد تصلح للف السندويشات بها …
هذا النظام يقوم على حكم الأقوياء ، لا على العدل ..
والشعوب باتت تتوق للتخلص منه
بل ان الكلام عن ضرورة قيام نظام دولي جديد بدأ يشق طريقه في الفكر السياسي الدولي عالميا …
وأجزم أننا سنشهد تفكك هذا النظام خلال العقد القادم …
٨- الشعوب العربية لا تزال تحت تأثير إجهاض ثورات الربيع العربي ..
لكن هذا لن يطول
كل المؤشرات تدل على أن أمواج الطوفان التي ضربت الغرب البعيد شعبيا بسبب حرية الرأي فيه سترتد بقوة إلى شعوبنا العربية وتنهي حالة الركود والخضوع التي نراها
وأول دولة باتت مهيأة لذلك : مصر ..
ويكفي أن نعلم أن الطوفان كشف للأمة كل شيء :
كشف الخونة ودورهم
كشف المتاجرين بقضية فلسطين
كشف بائعي الكلام والوعود
وهذا الفرز الذي تولد من المحنة ، هو أول طريق الخلاص بإذن الله
٩- فلسطين قضية لا تموت ، إنها في عقيدة الأمة ووجدانها ، وكل الخطط التي رسموها لدفنها ، جاء الطوفان ومزقها وقلبها رأسا على عقب
فلسطين ستبقى القضية المركزية للأمة ، طالما أن سورة الإسراء موجودة في القرآن ، وطالما أن وعد الرسول للأمة بتحريرها موجود في كتب السنة ..
ولأنها قضية لا تموت ، فالمقاومة لتحريرها لا تموت أبدا …بل هي في كل يوم تقوى وتشتد وتتجذر وتنتشر لتصبح جيشا جرارا يدخل المسجد ويتبر ما علا الصهاينة تتبيرا …
١٠ – هذا الطوفان عزز في الأمة فكرة الجسد الواحد ، وأوهن إلى حد كبير حدود سايكس بيكو ..
الوطنيات والقوميات تراجعت لمصلحة فكرة الأمة الواحدة ..
فكرة لبنان أولا ، ومصر أولا ، والخليج أولا ، وووو
باتت في وجدان الأمة نوعا من السخافة والتخاذل ..
كل ما يجري اليوم ، بإذن الله ، يمهد لعودة الأمة إلى نظام الخلافة ..
كيف ومتى وأين؟؟
أول الغيث بدأ في تأسيس الاتحادات العالمية لعلماء الأمة..
ويحتاج الامر إلى توحيد الجهود الدعوية في عالمنا العربي والإسلامي لتحقيق ذلك
وأول واجب على العاملين في الحقل الدعوي ، هو توحيد الجهود المتناثرة ، وإنهاء فكرة العمل ضمن إطار الدولة والإقليم ، والانتقال إلى العمل على مستوى الأمة بخطة واضحة المعالم …
الألم في هذا الطوفان كبير جدا …لكن البشائر فيه على قدر هذا الألم وزيادة …
قال تعالى : ((وَٱللَّهُ غَالِبٌ عَلَىٰٓ أَمۡرِهِۦ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَعۡلَمُونَ))
محمد أسوم