مقالات

شلال الدم يحدد مصير المنطقة \ عماد العيسى

أيام وليالٍ بالعشرات أو المئات، فلم يعد الرقم له معنى تحديدًا ما يجري في قطاع غزة من توحش لم يرَ العالم مثله من قبل. صمت وعلى الهواء مباشرة، وهذا يعني أن الكيان ضمن منظومة دولية صهيونية، وأن الحرب على غزة هي حرب صهيونية دولية بامتياز. قتل بكل الأنواع، توحش بكل المقاييس، إنسانية غير موجودة بالنسبة للغرب إلا إذا كان الموضوع خاصًا بالشواذ، أو بكلب في باريس تعرض لاعتداء، أو بكذبة كبيرة لها علاقة بالبيئة أو أو أو أو، وما أكثرها من إنسانية غربية صهيونية دولية بامتياز.

على النقيض، فإن ما يجري في قطاع غزة أذهل العالم بفضل الصمود الأسطوري للمقاومة أو للشعب الغزاوي، الذي يثبت يومًا بعد يوم أنه إنسان وأكثر، يتمتع بكل ما له علاقة بهذه الإنسانية وأكثر، يملك من الإيمان وأكثر، يحب الحياة وأكثر. إذًا، أين نحن اليوم والمنطقة والعالم مما يجري من توحش صهيوني؟

الكيان وما قام به من خلال اغتيال القائد إسماعيل هنية في قلب العاصمة الإيرانية، وقبله بساعات اغتيال القائد في حزب الله فؤاد شكر في قلب العاصمة بيروت، له دلالة واحدة فقط: الكيان يريد توسعة الحرب على أمل أن تتدخل دول العالم من أجل وقف إطلاق نار شامل في المنطقة وغزة في قلب هذا الاتفاق. بذلك، يقول للداخل والخارج إنه لم يستسلم بتوقيع اتفاق مع غزة فقط، بل ضمن اتفاق في المنطقة. ولكن مما لا شك فيه أن الكيان في ورطة كبيرة جدًّا لم يعهدها من قبل، من خلال المغطس الذي وقع فيه في قطاع غزة بعد أن ظن أنه يستطيع أن ينفذ مشاريعه ومشاريع الغرب والعرب. فكانت المقاومة في غزة هي الأسطورة التي حطمت كل مشاريع التطبيع في المنطقة، بل غيرت مشاريع الصهيونية العالمية في الكرة الأرضية.

اليوم نحن أمام حل من حلين لا ثالث لهما: إما الحرب في المنطقة، وإما القبول بصفقة لوقف إطلاق النار في غزة والتوقيع على وثيقة استسلام الكيان. ومن هنا تحركت جميع أساطيل السياسة العالمية باتجاه إيران وحزب الله كي تكون الضربة مدروسة مقابل عروض عديدة للإيرانيين، ومنها الإفراج عن الأرصدة المالية والذهاب نحو توقيع اتفاق بما يخص البرنامج النووي وأمور أخرى فوق الطاولة وتحت الطاولة. كذلك الأمر حزب الله في لبنان، عروض سخية على المستوى السياسي والتنموي وأمور أخرى أيضًا. والأهم هو العرض المقدم بوقف إطلاق النار في غزة بالشكل الذي يقبل به أهل غزة والمقاومة.

ومن هنا كان تلميح سماحة السيد حسن نصر الله في خطابه الأخير في ذكرى مرور أسبوع على استشهاد القائد فؤاد شكر، بأن المقاومة رغم المصاب الكبير سواء كان باستشهاد القائد فؤاد شكر أو بما قدمه الحزب في الجبهة المساندة في لبنان، وهي في الحقيقة حرب حقيقية في جنوب لبنان قدم الحزب فيها حتى الآن العشرات بل المئات من مجاهديه ومن المدنيين الأبرياء أيضًا، إضافة إلى الدمار الكبير في القرى الجنوبية. رغم ذلك، يقول السيد إنه مستعد لأن تكون الضربة مدروسة مقابل وقف إطلاق النار في غزة وكذلك إيران، وحكمًا أنصار الله في اليمن. وبذلك يكون محور المقاومة قد استجاب للوساطات العالمية التي تدرك أن الكيان المأزوم وصل إلى نقطة الانهيار التام ويحاولون الإبقاء على ما تبقى منه. ولكن الأساس في كل ما ذُكر أن الكيان الإسرائيلي لا يريد إلا خيار توسعة الحرب، وهذا واضح للجميع. لذلك، ننتظر الساعات والأيام القادمة وهي كفيلة بأن نرى كيفية سقوط وذوبان الكيان بالشكل الذي نرضاه .
عماد العيسى
اعلامي فلسطيني .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى