اقتصاد

المفاوضات الإيرانية الأمريكية : كتب غسّان حلواني

تشكل غير المباشرة في مسقط غدا ً السبت محطةً حرجة في العلاقات بين البلدين، خاصةً في ظل تعقيدات الملف النووي، والصراعات الإقليمية، والعقوبات الاقتصادية المشددة على طهران. تُجرى هذه المفاوضات وسط توقعات متباينة؛ فمن جهة، هناك أمل بتفادي تصعيد قد يُشعل المنطقة، ومن جهة أخرى، مخاوف من فشل يُعمِّق الأزمات القائمة. تتركز التساؤلات حول ما إذا كانت هذه الجولة ستُنتج اتفاقًا مرحليًّا يخفف التوتر، أم ستكرس حالة الجمود التي تعيشها العلاقات منذ سنوات.

ما هو المُنتظر من المفاوضات؟
في الملف النووي، قد تُحدد المفاوضات خطوات عملية لإعادة تفعيل اتفاق “JCPOA” (خطة العمل الشاملة المشتركة) أو التوصل إلى صيغة مُعدَّلة تضمن تقييد البرنامج النووي الإيراني مقابل رفع العقوبات.
أمّا في تجميد التصعيد الإقليمي، فقد تبحث الولايات المتحدة عن ضمانات من إيران للحد من أنشطة أذرعها العسكرية (كالحوثيين في اليمن أو الميليشيات في العراق)، بينما قد تطلب طهران وقف الهجمات الأمريكية على حلفائها.
و عن موضوع تبادل المعتقلين ، يُتوقع أن تشمل المفاوضات تفاهمات حول تبادل سجناء بين الجانبين، كبادرة لبناء الثقة.
و في تخفيف العقوبات، قد تتفق واشنطن على إطلاق أموال إيرانية مجمدة أو تخفيف بعض العقوبات مقابل خطوات إيرانية محددة.

نحن امام مشهد قد يؤدّي الى عدة سناريوهات في أفضلها ، في حال النجاح أرى أننا سنشهد
عودة جزئية لـ JCPOA تحملنا الى توافق على ضوابط أكثر صرامة للبرنامج النووي مع رفع تدريجي للعقوبات، مما يُخفف الأزمة الاقتصادية في إيران ويحد من سباق التسلح الإقليمي. طبعا ً في حال النجاح سنصل الى تهدئة إقليمية مؤقتة تقلل من هجمات الميليشيات المدعومة إيرانيًّا على القواعد الأمريكية أو حلفائها، في مقابل تخفيف الضربات الأمريكية في سوريا أو العراق. وفي نفس إطار التفاؤل يبرز تحويل المفاوضات غير المباشرة إلى حوار علني، مما يقلل سوء الفهم ويُسهِّل إدارة الأزمات. و في الإطار نفسه سنشهد
تحسّن في الأوضاع الإنسانية عبر إطلاق سراح معتقلين وإتاحة وصول المساعدات إلى إيران عبر إعفاءات لعقوبات محددة.
التحديات حتى في حال النجاح:
معارضة المحافظين في إيران لأي تنازلات، ورفض الكونجرس الأمريكي لأي اتفاق لا يشمل الملف الصاروخي وحقوق الإنسان.
احتمال استغلال طهران للاتفاق لتعزيز نفوذها الإقليمي دون تغيير سلوكها الاستراتيجي.

أسوأ السيناريوهات في حال الفشل
تصعيد نووي وعسكري: تسريع إيران تخصيب اليورانيوم بنسبة 90% (مستوى عسكري)، وردٌّ إسرائيلي أو أمريكي بضربات وقائية، مع احتمالية حرب إقليمية واسعة.
تصعيد إقليمي عبر الوكلاء: زيادة هجمات الميليشيات على المصالح الأمريكية (في العراق أو سوريا)، وضربات أمريكية مباشرة على قوات الحرس الثوري.
انهيار اقتصادي في إيران: تفاقم الأزمة المعيشية يدفع نحو احتجاجات داخلية عنيفة، مع احتمال قمع دموي من النظام.
تقسيم المنطقة إلى محاور متصارعة: تعميق التحالف الإيراني-الروسي-الصيني مقابل تحالف عربي-إسرائيلي-أمريكي، مع تصاعد سباق التسلح.

سيناريوهات متوقعة بين النجاح والفشل
اتفاق هش مؤقت: تفاهمات محدودة (مثل تبادل الأسرى أو تجميد نووي قصير الأجل) دون حل جذري، مع استئناف المفاوضات لاحقًا.
تفكيك المفاوضات تدريجيًّا: استخدام مسقط كمنصة لتفاهمات سرية غير معلنة، كالتنسيق الأمني في العراق أو اليمن.
تحويل الأزمة إلى الملف الأوكراني: قد تقدم إيران دعماً أكبر لروسيا في حرب أوكرانيا مقابل تنازلات أمريكية في الملف النووي.
مفاوضات مسقط ليست سوى حلقة في صراع طويل بين واشنطن وطهران، حيث يصعب تحقيق نجاح كامل في ظر ف غياب الثقة وتباين الأولويات. قد يُنتج اللقاء تفاهمات تكتيكية تخفف التوتر قصيرًا، لكن التعافي الحقيقي للعلاقات يحتاج إعادة تعريف المصالح المشتركة، خاصة في ظل تنافس دولي متشابك (مثل دور الصين وروسيا). في النهاية، الفشل ليس خيارًا لأي من الطرفين؛ فتكلفة الحرب ستكون كارثية للجميع، لكن النجاح يتطلب شجاعة سياسية غير مضمونة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى