عربي

عبدالقادر الجزائري الحفيد ومحور فلسطين

بكر أبوبكر

لم نكد نتخلص من المحاور التي افترقت تحت راياتها الأمة على قاعدة “الرجعية مقابل التقدمية” وما سبقها من محور “العلمانية (بمعنى الكفر لدى الاسلامويين) مقابل الاسلامية”، وفكرة “القومية مقابل الإسلامية” (التي هي بالحقيقة الاسلاموية) أو ضدها بالأحرى الى وقت قريب.

لم نكد نتخلص من تلك المحاور إلا ودخلنا في محاور الكفر والايمان صراحة! وبإرادة أمريكية صارمة! أي بين محور “المؤمنين”! (“داعش” والأشباه، وفي التاريخ “الخوارج” ومئات الفصائل أو الفِرَق التي سقطت في مزبلة التاريخ…) ومحور الجهلاء أو الجاهليين لنجد أنفسنا في مراحل أخرى حديثة نسبيًا بين محور “الصمود والتصدي مقابل محور التسوية”.

 وفي إطار منظمة التحرير الفلسطينية تشكّل على هامش المنظمة والمقاومة الفلسطينية منذ نشأتها عام 1965م، محاور “القبول مقابل الرفض” والقابلية للتسوية والرافضين، ولك أن تعدّ في ذات الإطار عدد المحاور أو الاصطفافات التي  تشكّلت حول القاعدة الرئيسية في هذا المجال وهي فلسطين.

في إطار انقسام العالم العربي إبان القوتين العظميين أو المعسكرين الشرقي مقابل الغربي أي الاتحاد السوفيتي وأوربا الشرقية آنذاك (انهار المعسكرالشرقي عام 1990م) مقابل الغربي-الأمريكي، اتخذت الثورة أوالمقاومة الفلسطينية خطًا متوازنًا في التعامل مع المعسكر “التقدمي” في الأمة العربية والمعسكر “الرجعي”!

دعنا نعيد الفضل لصاحبه وهو الرئيس الراحل جمال عبدالناصر الذي أبرم لحركة التحرير الوطني الفلسطيني- فتح أول صفقة أسلحة وقال لهم (حينها للاخوين أبوعمار ياسر عرفات، وأبوإياد صلاح خلف) أن يتجهوا الى المملكة العربية السعودية ذات الثقل العربي والعمق القومي والإسلامي-رغم خلافه معها آنذاك-ليتفقوا معها على الدعم وهو ما كان من علاقات لم تتوقف، ولم تقف عند حدّ الدعم المالي بل وتوسعت بالأطر السياسية والدبلوماسية والأخوية العربية والتشاور الدائم والمبادرات.

كان خطّ القيادة الفلسطينية خطًا متوازنًا الى درجة أن وصفت حينها بالقيادة المتخاذلة أو المستسلمة او الخانعة أو المتنفذة! لأسباب مختلفة ومنها سبب العلاقات مع (الرجعية العربية) من جهة، ولسبب عدم الاندراج ضمن المحور العملاق الممثّل للتقدمية آنذاك!؟  ولسبب الاستقلالية التي تبرّمت بها بعض الدول العربية (التقدمية) الشعاراتية.

 فكرة مصادرة القرار الفلسطيني راودت أحلام معظم الدول العربية خاصة (التقدمية)! ولم تكن ببال تلك الموصوفة ب(الرجعية)؟ على الأقل لتسقط عن ظهرها تهمة الرجعية! المشينة آنذاك.

المقصود أن المنطقة كانت ومازالت تسبح في خضم الخلافات العربية ضمن محاور وتكتلات وتجاذبات مازالت مستمرة نعم، ولكن إثر انهيار الاتحاد السوفيتي وتعامل أمريكا مع المنطقة كإقطاعية خاصة بها، وإثر انهيار السد العراقي-السوري دخل على المحاور العالمية تلك الإقليمية أي كل من تركيا وإيران اللتان كانتا إما خارج الجغرافيا-السياسية العربية لأسباب داخلية أو لأولويات الانتقالات في إيران من عصر الشاه الى عصر الخميني، وفي تركيا من عصر (العلماني) الى عصر الحاكم المسلم (الاخواني) الذي يحكم دولة علمانية كما عرّف نفسه الرئيس أردوغان.

لقد أطاحت الولايات المتحدة الامريكية بعد سقوط المعسكر الشرقي بكل المخاوف الإسرائيلية الوجودية القاتلة من خلال تحييد مصر عسكريا، ومن خلال إسقاط العراق ثم سوريا، أي إسقاط أي قوة عربية قادرة بأي شكل من الأشكال أن تكون في مواجهة  عسكرية للوليد الاستخرابي (الاستعماري) الغربي المدلّل. فكيف لأي عاقل ألا يعيد التفكير وينتقد ذاته ويراجع ويحاسب ويعيد الانطلاق بشكل جديد!

وصلت الأمور بالكيان الصهيوني أن هيمن على المنطقة، بل وقام بالإرادة الامريكية باقتسامها مع المحورين الإقليميين (أنظر الوجود المشترك لكل المحاور الاقليمية والعالمية بما فيها الإسرائيلي في سوريا ولبنان والعراق والسودان مثلًا، وأنظر على الأرض لذاك الاقتسام الامريكي-الروسي، ومقابله التركي-الإيراني لسوريا…وفي ليبيا، وأنظر تمدد مليشيات إيران في 4 دول عربية) ولك أن تعمم التجربة الفظيعة على من تشاء الإرادة الدولية إسقاطه لاحقًا.

الخلاصة التي أريد التاكيد عليها هنا أن الأمة العربية بمجمل طاقتها واتزانها هي دولة عظمى بلا شك، ولست القائل بل الغرب ذاته ومفكريه المنصفين، ولها من المقومات الحضارية الرحبة والمتزنة، والصناعية والزراعية والتقانية (التكنولوجية) ما يؤهلها لذلك وأكثر، وهو ما يزعج اللاعب الرئيسي أي أمريكا والوليد، ويزعج اللاعبين الإقليميين حيث في ظل أمة عربية قوية (فرضيًا بالنموذج الأوربي) يعني إبعاد اللاعبين الإقليميين، جغرافياً واقتصاديا على الأقل عن العبث بالمنطقة، ويمثل حائط صدّ لتحقيق محور فلسطين ومصالح الأمة فيها وعبرها.

مع انسحاب الأتراك، شكّل الأمير المحبوب عبدالقادر الجزائري المقيم مع أخيه في دمشق آنذاك (حفيد القائد العظيم الأميرالثائر والبطل عبدالقادر الجزائري) أول حكومة عربية مع وصول قوات الثورة العربية، والانجليز الى دمشق عام 1918.  ولما كان في رِكاب الجنرال اللنبي الذي دنّس دمشق (والقدس) ذاك المسمى “لورنس العرب” عميل الانجليز في قلب الأمة، فلم تستمر الحكومة العربية (لكل العرب) التي شكلها عبدالقادر الجزائري إلا يومًا واحدً!؟ أي لم يتحمل الاستخراب (الاستعمار) الانجليزي أن تتشكل حكومة عربية عاصمتها دمشق يومًا واحدًا!؟ فما بالكم اليوم!؟

دعني أقول حول المحاور أن فلسطين هي المحور، محور أمة العرب والمسلمين كما كانت دمشق تلك الفترة. وهي المنتصرة بشعبها العربي وكل الأمة اليوم أو غدًا، ومن يريد أن يكون ضمن محور البوصلة (فلسطين) أي مناضلًا بأي شكل لأجل أهلها، وأرضها وحقها وحريتها ودولتها، فهو ضمن المحور، وما سوى ذلك هباء وكذب ووهم.

 فكرة الوحدوية سواء الفلسطينية، أو بالإطار العربي بالوحدوية العروبية (مرة أخرى بالنمط الأوربي، وبمعنى عربية اللسان، وبكل مكونات المنطقة الحضارية حيث المكون الكوردي والامازيغي…)، ولا نغفل إن توسعت الوحدوية الى إسلامية كما يطرح بعض المفكرين المعتبرين، وليس فصائل الانقسام، هي الحائط وهي السد المانع للعبث بالمنطقة سواء من دعاة المحاور دون مجموع الأمة، الذين لا يسعون الا لمصلحتهم. أو من الكيان الصهيوني أو من الاستخراب الأمريكي، وما يعني بما هو حاصل بقاء قضية فلسطين ملعبًا (لكل من هب ودبّ وركب الإردب) من جهة وملعبًا لكل كذّاب أشر ومحتال يركب ظهر بغلة فلسطين.  https://bakerabubaker.net/Baker AbuBaker

writer & authorPalestine-Ramallah

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى