
الزواج لم يفشل… نحن فشلنا في حمايته \ بقلم الإعلامية وصال كبّارة
لم يَعُد الطلاق خبراً صادماً، بل رقماً يتكرّر، وقراراً يُتَّخذ تحت ضغط الحياة، ووهم المقارنات، وصمت العلاقات التي استُنزفت حتى الفراغ.
الطلاق… حين ينهار الزواج بصمت
لم يعد الطلاق مجرّد حالة فردية أو استثناء اجتماعي، بل تحوّل إلى ظاهرة آخذة في الاتساع، تعكس حجم التغيّرات العميقة التي أصابت بنية الأسرة العربية. ومع تصاعد نسب الطلاق، تتبدّل أسبابه وتتداخل بين النفسي، والاقتصادي، والثقافي، في وقتٍ بات فيه الحفاظ على الزواج معركة يومية لا تشبه ما كانت عليه سابقاً.
أسباب مباشرة تقف خلف انفجار حالات الطلاق:
- الجمال المزيّف… عندما تُهزم الزوجة أمام الفلتر
ساهمت وسائل التواصل الاجتماعي في فرض معايير جمال مصطنعة، قائمة على التجميل المفرط والصورة المعدّلة. هذه الثقافة دفعت بعض الرجال إلى مقارنة زوجاتهم بنساء افتراضيات، ما أضعف تقبّل الواقع، وخلق نفوراً تدريجياً يقتل العلاقة قبل إعلان الطلاق. - الفقر العاطفي تحت ضغط المال… بيت بلا أمان
الأزمات الاقتصادية لم تُفقر الجيوب فقط، بل استنزفت المشاعر. فحين يتحوّل تأمين أساسيات الحياة إلى عبء يومي، يختفي الحوار، ويحلّ التوتر مكان الحنان، ويصبح الطلاق نتيجة متوقّعة لا خياراً مفاجئاً. - التطبيع مع الانفصال… حين يُسوَّق الطلاق كإنجاز
لم تكتفِ وسائل التواصل بتغيير صورة الزواج، بل ساهمت في تلميع الطلاق عبر مظاهر الاحتفال والتفاخر به. وبين التحرّر الحقيقي والاستعراض الفارغ، تضيع قيمة العلاقة، ويُقدَّم الفشل العاطفي كقصة نجاح. - الصمت القاتل وتدخّل المحيط… النهاية قبل النهاية
كثير من الزيجات تنتهي فعلياً قبل الطلاق الرسمي، حين يُستبدل الحوار بالتجاهل، ويُفتح باب البيت لتدخّلات الأهل والأصدقاء. عندها، يصبح الانفصال إجراءً قانونياً لعلاقة ماتت منذ زمن.
الطلاق في القرآن… تشريع يضع حدود الانهيار
نظّم الإسلام الطلاق بضوابط تحفظ الكرامة وتمنع الظلم، كما جاء في قوله تعالى:
﴿وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ﴾
سورة البقرة – الآية 231
وهو تأكيد على أنّ الانفصال، وإن كان حلاً أخيراً، يجب ألا يتحوّل إلى ساحة أذى أو انتقام.
رأي شخصي
برأيي، أخطر ما يهدّد الزواج اليوم ليس نقص الحب، بل استسهال الهدم أمام أول ضغط. وحين يُقاس الشريك بصورة وهمية، وتُترك العلاقة وحيدة في مواجهة الفقر والصمت، يصبح الطلاق نتيجة طبيعية لفشل جماعي في حماية الأسرة.
