
أي دور للسنة في لبنان ؟ بقلم سمير الحاج
الدور السني في لبنان يمر اليوم بمرحلة دقيقة تتأرجح بين غياب القيادة الموحدة في الداخل وبين تغير موازين القوى في الإقليم. فالسنة بعد تراجع الدور التقليدي للحريرية السياسية وجدوا أنفسهم في موقع المتلقي أكثر من كونهم أصحاب المبادرة بينما التحولات الإقليمية من السعودية وتركيا إلى سوريا تعيد رسم موقع الطائفة من جديد. السعودية التي كانت المرجعية الأقوى للسنة تعتمد اليوم سياسة هادئة تقوم على دعم استقرار لبنان من دون الانغماس المباشر في التفاصيل، وهي ما زالت تمثل ثقلاً روحياً وسياسياً لكن حضورها لم يعد كما كان. أما تركيا فقد دخلت المشهد اللبناني عبر القوة الناعمة الاقتصادية والثقافية وتركز على الشمال وطرابلس تحديداً من دون أن ترغب في مواجهة مع السعودية أو أن تظهر كراعٍ حصري للسنة لذلك يبقى تأثيرها موجوداً لكنه ليس بديلاً عن الدور السعودي. وفي المقابل، فإن سوريا سواء في صيغتها الحالية أو في أي تحول مستقبلي يعيد إبراز الهوية الإسلامية تسعى دائماً لاستعادة نفوذها في لبنان لكن علاقتها بالسنة تبقى معقدة بحكم التجارب السابقة وبحكم موازين القوى الداخلية التي تتحكم بها أطراف أخرى أبرزها حزب الله. وبين هذه القوى الثلاث يجد السنة أنفسهم في موقع يحتاج إلى إعادة صياغة دورهم الوطني انطلاقاً من الداخل لا من الخارج. فاستعادة الدور تبدأ بقيادة جديدة نظيفة وبرنامج وطني جامع ومؤسسات اجتماعية قوية قادرة على حماية الناس ورفع صوتهم إضافة إلى الحفاظ على علاقة ثابتة مع السعودية والانفتاح المدروس على تركيا واعتماد مقاربة حذرة مع سوريا. فالسنة في لبنان قادرون على أن يكونوا قوة توازن واعتدال لكن ذلك مشروط بقدرتهم على إنتاج مشروع سياسي مستقل لا يقوم فقط على ردود الفعل أو انتظار إشارات الخارج. دون هذا الجهد يبقى الموقع السني عرضة للتشتت والفراغ ومعه تفقد الطائفة دورها التاريخي في حماية الهوية الوطنية اللبنانية
