
جامعة طرابلس لبنان : هذا ما نتطلع إلى سماعه من بابا الفاتيكان لاوون الرابع عشر في زيارته لبنان
بقلم أ.د. رأفت محمد رشيد الميقاتي (رئيس جامعة طرابلس لبنان)
من بلد طافح بالعنصرية والطائفية والمذهبية المقيتة ، وممزق بالحروب المفتوحة الفاتكة التي تدور على أرضه ،
وإيمانا منا بقيم الحوار الحقيقي ، وبالتعاون على البر والتقوى الذي أمرنا به الإسلام العظيم ،
نرحب بجنابكم الكريم رئيسًا لدولة الفاتيكان في رحاب لبنان بلد الإيمان والصبر ، بلد إمام العدل الإمام الأوزاعي والصحابة والتابعين رضي الله عنهم ، بلد التنوع الديني والثقافي ، بلد الأديرة العتيقة والكنائس التاريخية الناطقة حجارتها وأجراسها بعدالة الإسلام الحنيف وحضارته الغنية الساطعة التي أرست لأول مرة في التاريخ التعدديةَ الدينية في دولة واحدة ، عملا بوثيقة المدينة المنورة التي أرساها خاتم النبيين ورحمة الله للعالمين سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم .
فأهلًا وسهلًا بكم في هذه الساعة التاريخية في بلد التضحيات الجسيمة على مرّ التاريخ وصولا إلى حاضرنا الأليم المضرج بالدماء ، عشية التهديدات بحرب إسرائيلية شاملة في غياب العدالة الدولية ، عسى أن يُحفظَ السلام الذي تدعون إليه في زيارتكم لبنان .
وإننا نتطلع أن نسمع من جنابكم الكريم باقة من المواقف التاريخية وفي مقدمتها :
١- تعزيز التعاون المسيحي الإسلامي في مواجهة التعصب الطائفي والمذهبي ، ونشر روح المحبة الصادقة وترجمتها في الحياة العملية حكمًا وسياسةً وإدارةً وتنشئةً وتكوينًا ، درءًا للسقوط من جديد في مستنقع الاقتتال الداخلي الذي يغتال السلم الأهلي .
٢- التبرؤ ممن يحتمون زورا بالدين ويمارسون أبشع أنواع الفساد السياسي والمالي والإداري والاستغلال الرخيص للمشاعر الدينية الصادقة لدى المواطنين ، وهم الذين ألجؤوهم إلى الهجرة إلى أقصى بلاد العالم وصولا إلى البيرو حيث كنتم تبشرون بالمسيحية .
٣- دعم القيم المشتركة بين المسيحيين والمسلمين وبخاصة في المجالين التربوي والإعلامي بما يؤمّن الحفاظ على الأسرة وأخلاقها كونها نواة المجتمع بعيدا عن موجات الإنقلاب الأثيمة على إنسانية الإنسان والفطرة السليمة ، والتبشير بما يناقض التوراة والانجيل والقرآن ، من “جندرة ومثلية ” وفوضى جنسية مدمرة ثبت فشلها الذريع في أمريكا حيث مسقط رأسكم وفي أوروبا التي تكاد تنقرض فيها العائلة لبعدها عن التعاليم الدينية الصحيحة .
٤- التعاون مع القيادات المسيحية والإسلامية لضمان بقاء الشرق واحة مستعصية على التمدد الإسرائيلي الذي ينشر الإلحاد الجديد تارة ، ويتخذ من مقولة الإبراهيمية مطية مفخخة لتذويب الدين تارة أخرى، مستغلا بذلك حب أتباع الديانات لنبي الله إبراهيم عليه السلام البريء مما يُلصق به من هويات دخيلة زائفة ، وساعيًا لفرض اتفاقيات “ابراهام “على دول المنطقة بقوة بطش أسلحة الدمار الشامل المحرمة دوليا .
٥- التأكيد على ضرورة تحويل السلام إلى سلوك
حقيقي ويومي عبر الدعوة إلى إنصاف المظلومين وإرساء العدالة الشاملة ، وتعزيز ضمان الحريات الدينية في المدارس والجامعات واحترام إقامة الشعائر الدينية في المؤسسات كافة ، والانفتاح على المحيط العربي والإسلامي والعمق الدمشقي الجديد الذي تم احتضانه دوليا لكتابة صفحة منيرة في التاريخ المعاصر بعد مرور عام على اندحار الديكتاتورية التي ضاهت الرومان في سحقها للمؤمنين الرافضين للظلم أيام السيد المسيح عليه السلام .
٦- التحذير من تكرار الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبها الكيان الاسرائيلي الغاصب في غزة فلسطين ، على الأراضي اللبنانية بذرائع مختلفة ، ودعوة الدول التي تحرص على استغلال لبنان واستعماله إلى عدم تقديم لبنان قربانًا لمصالحها الخاصة على مذبح اللعبة الخبيثة للأمم .
متمنين لكم إقامة سعيدة في رحاب لبنان ، بعيدا عن ضجيج المسيّرات الإسرائيلية الطامعة في استباحة هذا الشرق المبارك بالوحي الإلهي ، والاستيلاء على موارده وسكانه بغية العلو في الأرض وتسريع نزول السيد المسيح الذي لم يؤمنوا به أصلا يوم كان يدعوهم إلى عبادة الله الواحد الأحد وحده.
مع الدعاء بالتوفيق إلى كل ما يحبه الله ويرضاه .