مقالات

هل فقدت الفصائل المسلحة في جنين السيطرة على الأرض؟ \ كتبت لارا الاحمد

شهدت مدينة جنين ومخيمها في الأسابيع الأخيرة مشاهد غير مألوفة، حيث لم تحظَ جنازات عدد من المسلحين الذين قُتلوا خلال المواجهات مع قوات الاحتلال بحضورٍ شعبيٍ كبير كما جرت العادة. هذا التراجع الملحوظ في حجم المشاركة يثير تساؤلات عديدة حول مدى تمسك الشارع الجنيّني بالفصائل المسلحة، وحول التحولات في المزاج الشعبي داخل المخيم الذي كان يُعتبر لسنوات رمزاً للمقاومة.

يُرجع البعض هذا التراجع إلى حالة الخوف التي تفرضها العمليات العسكرية الإسرائيلية المتكررة، والتي باتت أكثر عنفاً وتنظيماً، إذ لم تعد تقتصر على ملاحقة عناصر محددة، بل تمتد لتدمير البنية التحتية داخل المخيم، واعتقال المئات من شبابه. هذا الواقع الأمني القاسي جعل كثيراً من الأهالي يفضلون الابتعاد عن المشهد المسلح، خشية فقدان أبنائهم أو تدمير منازلهم.

في المقابل، يرى آخرون أن السبب يتجاوز عامل الخوف، ويكمن في تراجع الثقة الشعبية بالفصائل نفسها، بعد أن تحولت بعض المجموعات المسلحة إلى كيانات تعمل بمعزل عن الشارع، دون رؤية سياسية واضحة أو تنسيق موحد. كما أن غياب القيادة الموحدة داخل المخيم، وتعدد الولاءات التنظيمية، خلق حالة من الفوضى والانقسام الداخلي، مما أضعف صورة “المقاومة المنظمة” التي لطالما كانت مصدر فخر لسكان جنين.

ومع ذلك، لا يمكن القول إن فكرة المقاومة قد انتهت في جنين. فالمزاج العام لا يزال رافضاً للاحتلال، لكن التعبير عنه ربما بات أكثر حذراً وعقلانية، بعيداً عن المواجهة المباشرة التي أثبتت كلفتها العالية. يبدو أن جنين اليوم تقف عند مفترق طرق: بين استمرار النضال المسلح التقليدي، أو البحث عن أشكال جديدة للمقاومة تحفظ كرامة الناس وتضمن بقاءهم على أرضهم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى