دولي

جريمة الرابع من شهر آب ، متى تنتهي التحقيقات ويصدر القرار الاتهامي ! \ نبيل الزعبي

تنقضي الايام والأسابيع والشهور سريعاً وكأن جريمة تفجير مرفأ بيروت حدثت غداً ولم يمر عليها حتى تاريخة خمس سنوات بالتمام والكمال سعت خلالها منظومة الفساد اللبناني إلى الحدّ من ارتداداتها الشعبية والأخلاقية بكل ما امتلكته من أساليب رخيصة والتفاف على التحقيقات في تجاوزٍ سافر للقوانين وَضَعَها مجدداً في دائرة الشك والمسؤولية الكاملة عمّا حصل في الرابع من شهر آب ٢٠٢٠ الساعة السادسة وسبع دقائق مساء ذلك اليوم المشؤوم من تدميرٍ لنصف مدينة بيروت ولم تزل أسبابه تنحو حتى اليوم إلى فرضيات بينما تتقاذف حقائق ما حصل بصماتُّ مشبوهة لأطراف سياسية من داخل المنظومة لم تكتفِ بتعطيل سير التحقيقات وتكبيل صلاحيات المحقق العدلي في الجريمة وانما عمدت إلى شق صفوف ذوي الضحايا وجعلت من بعضهم طرفاً يواجه الآخر ويرفع من مستوى تدخُّل مشغلّيهم إلى الادِّعاء على المحقق واعتباره خصماً وليس شخصيةً معنويةً سياديةً على الجميع تسهيل ما هو مكلّف به من مهمة قضائية ويقوم بواجباته ازاءها بكل مهنية واستقلالية وضمير .
في الرابع من آب لهذا العام ، ينتظر ذوو الشهداء والجرحى والمتضررين من جريمة المرفأ ما سوف تؤولُ اليه استجوابات المحقق العدلي الذي عاد إلى مكتبه من جديد متسلّحاً بقانون استقلالية القضاء الذي أقرّه المجلس النيابي مؤخراً وعهد وحكومة جديدين واعتقاد لبناني عارم مفاده ان اي طمس او تمييع للحقيقة وتهرُّب من المسؤولية لن يقتل الضحايا مرتين وحسب وانما سيقتل ايضاً كل أمل يعلقه اللبنانيون على محاسبة المسؤولين عن هذه الجريمة التي تبيّن مع الساعات الاولى لحصولها انهم كانوا متقاعسين عن سابق تصوُّرٍ وتصميم ان لم يكونوا متآمرين على سبيل الافتراض وحسب في القيام باي تحرُّكٍ لمنعها منذ بدء دخول الباخرة المشبوهة إلى مرفأ بيروت ، إلى تخزين الكميات الضخمة من نترات الأمونيوم داخل احد الهنكارات دون اية إجراءات وقائية تسببت في الحريق الهائل الذي تنصَّل الجميع من مسؤولياتهم إزاءه رغم إهمالهم وتقصيرهم الفاضح واقرار اكثر من مرجعية رسمية فيهم بذلك .
لقد آن لذوي الضحايا والشهداء وكل المتضررين من جريمة مرفأ بيروت مع حلول الذكرى الخامسة لها ، ان تُسَكَّن آلامهم النفسية وتُبَرَّد مشاعرهم القلقة على هدر حقوق ابنائهم وراحة انفسهم في عليائهم فلا يكفي إعلان الحداد الرسمي عليهم هذا العام
وان يقام لهم نصبُّ تذكاري من هنا او إبقاء اهراءات القمح المدمَّرَة على حالها من هنالك وان إيفاء حقوقهم لن تكون سوى في كشف الحقيقة كاملةً : من ادخل نيترات الأمونيوم إلى المرفأ ولمصلحة من ، ولماذا كل ما اعترى عمليات تخزينها من استهتار ، وما هي مستويات المسؤولية على كل متسبِّب ومتواطئ ومتورِّط ومقصِّر بدءاً من اصغر خفير ومخلِّص جمركي واجهزة امنية وعسكرية في المرفأ وصولاً إلى اعلى مسؤول في البلد والمعني هنا رئيس الجمهورية السابق وما بعده من رؤساء حكومة ووزراء ونواب وقضاة ، بعضهم من امتثل للتحقيق ومنهم من رفض وشكّك بالمحقق وآخر لم يزل يمتنع متمترساً بحصانته النيابية والوزارية وكل الرهان اليوم انما هو على جرأة المحقق العدلي رغم كل ما تعرّض له من تشويه سمعة وتشكيك ومحاولات لعزله وبقي مصرّاً على تطبيق القوانين واعتبار كل من يطالهم التحقيق سواسية امام العدالة والقوانين .
هذا المحقق ، تُرفَعُ له قبّعة الاحترام اليوم لكل ما تمتّع به من استقلالية وجرأة ومناقبية قلَّ نظيرها في هذا الزمن الأغبر الردئ ،و بكل ارتياح ينظر اللبنانيون إلى الساعة التي يخرج بها على الرأي العام مقدّماً مطالعاته الواردة في القرار الظني الاتهامي المُنتَظَر كي تُختَم الصفحات الأليمة وندخل ساعة الحقيقة التي نأمل جميعاً ان تكون قد اقتربت .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى