مقالات

المواقف الإيجابية الأوروبية د. محمد أمين الميداني \ المصدر موقع الجريدة

​اعتمدت الدول الأوروبية وكذلك الاتحاد الأوروبي مجموعة من القرارات التي تصب في مصلحة كل من الشعبين السوري والفلسطيني، وكانت البداية مع موافقة وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، أثناء اجتماعهم في بروكسل بتاريخ 19 مايو، على رفع العقوبات الاقتصادية عن سورية لعدة أسباب، من بينها «توفير الوظائف وسبل العيش لشعب سورية، كي يصبح بلدا أكثر استقرارا»، والعمل أيضا على المساهمة في إعادة الإعمار. ولا شك في أن هاجس استقرار سورية وأمنها، وجعلها في منأى عن الصراعات، وخلق أجواء إيجابية تساعد الشعب السوري على الشعور بالأمن والأمان، والبدء بالفعل بإعادة الإعمار، هي هواجس تشغل أوروبا وبقية دول العالم منذ انتصار الثورة السورية في أواخر العام الماضي وبدء صفحة جديدة في تاريخ سورية المعاصر. ويأتي رفع العقوبات الأوروبية ليعزز القرار الذي اتخذه الرئيس الأميركي أثناء زيارته الأخيرة لدول الخليج العربي، وإعلانه من العاصمة السعودية الرياض عن رفع العقوبات عن سورية، بالتزامن مع لقاء مفاجئ جمعه بالرئيس السوري المؤقت كمبادرة حسن نية وبرعاية سعودية متميزة. ​وجاء لاحقا وبتاريخ 20 مايو قرار المملكة المتحدة بتعليق المفاوضات التجارية مع إسرائيل بشأن اتفاقية تجارة حرة جديدة، وهو ما يحدث لأول مرة منذ الهجوم العدواني والشرس والمدمر على قطاع غزة. وصرحت من طرفها وبنفس التاريخ مسؤولة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي بأن الاتحاد سيبدأ مراجعة اتفاق الشراكة مع إسرائيل، تبعا للأحداث الأخيرة في قطاع غزة. وقد أيدت 17 دولة من دول الاتحاد، وعددهم 27 دولة، فكرة هذه المراجعة، ومن بينهم: إسبانيا، وأيرلندا، والبرتغال، وبلجيكا، وبولونيا، والدنمارك، والسويد، وفرنسا، وفنلندا، والنمسا، وهولندا. ولكن في مقابل هذه المواقف الإيجابية الأوروبية، التي تم اتخاذها لمصلحة الشعبين السوري والفلسطيني، وفيما يتعلق بالذات بالقضية الفلسطينية والمحاولات الأوروبية بقصد دعم الشعب الفلسطيني وخاصة في غزة، تأتي عملية استهداف المتحف اليهودي ورواده، والتي وقعت مؤخرا في العاصمة الأميركية واشنطن، وأسفرت عن مقتل اثنين من الإسرائيليين من موظفي السفارة الإسرائيلية في تلك المدينة، لتخطف الأضواء وتشغل وكالات الأخبار، وتعطي الفرصة مجددا للحكومة الإسرائيلية الحالية، وللجهات الداعمة لها، لتكرار الأسطوانة المشروخة عن معاداة السامية، وهو ما يدفعنا أيضا إلى التساؤل عن توقيت هذه العملية وأسباب القيام بها ومن يقف وراءها؟ ​يجب ألا تشغلنا هذه الأعمال الإرهابية والتبريرات التي يقدمها رئيس الوزراء الإسرائيلي وحكومته والداعمون لهم عما يحدث في قطاع غزة، والمأساة التي يعيشها سكانه، ويمثل ما قام به مؤسس الموقع المشهور «ويكيليكس» جوليان أسانغ، الذي ظهر مؤخرا في مهرجان كان مرتديا قميصا يحمل أسماء آلاف الأطفال الذين استشهدوا بسبب غارات إسرائيلية على هذا القطاع، شكلا آخر من مظاهر يقظة الضمير العالمي، إلى جانب ما تسعى إليه وبكل جدية غالبية البلدان الأوروبية ومنظماتها، بقصد وقف آلة القتل والدمار والخراب في حق الشعب الفلسطيني. * أكاديمي وكاتب سوري مقيم بفرنسا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى