مقالات

زعيم بحجم الأمة \ المحامي محمد بسام شوكت كبارة

الشهيد رفيق الحريري كان أمة، شمولي البعد، إنسانياً بالفطرة، عمقياً في الرؤيا، بذل روحه الطاهرة قربانا لاستقلال وحرية ووحدة لبنان، ألهب شعور المواطنة في كل منا، فاندفعنا ساخطين مستنكرين مطالبين بالاستقلال وبالعدالة وبالحقيقة.
منذ سنين اغتيل الرئيس الشهيد بأيدي مجرمة آثمة ارتكبت جريمة العصر لتواجه محكمة ومحاكمة العصر ذات الطابع الدولي. ويصدر حكم الإدانة منه ، ولكن دون أدنى تنفيذ إنساني ، ولكن التنفيذ الإلهي أخذ مجراه مقتصا من الفاعلين مهما واين كانوا، أفي بروج مشيدة او قعور مسلحة .
قدر العظماء أن يسقطوا شهداء في سبيل أوطانهم، وهكذا هم الأبطال يكتبون تاريخ شعوبهم بدمائهم وينطلقون إلى قدرهم بثبات وعزيمة واضعين نصب أعينهم النصر أو الشهادة.
هكذا كان قدر الرئيس الشهيد /رفيق الحريري الذي أعطى المجد للبنان، وآمن به وطناً نهائياً لجميع أبنائه، وطناً حراً لبنانياً عربياً سيداً مستقلاً، فامتدت إليه قوة الشر والظلام فسقط شهيداً من أجل لبنان.
كان واحداً من المغتربين مثلنا جميعاً الذي ترك لبنان إلى المملكة العربية السعودية في بداية السبعينات حيث عمل بصدق وإخلاص ليحقق النجاحات وليصبح رمزاً لكل مغترب في الكفاح والعصامية.
بكيناه واعتصرنا الأسى وعاهدناه على تحقيق حلمه ليعود لبنان أحسن مما كان، وكما قال:
(عندي حلم وأمنية أكثر من ازدهار أعمالي هو أن أعيد إعمار لبنان وأعيده أفضل وأجمل مما كان قبل الحرب).
فاستثمر أولاً في الإنسان …. بداية الحلم، هو الإعداد لتحويل الإقتصاد اللبناني إلى إقتصاد المعرفة عن طريق توفير سبل التعليم العالي لعدد 33 ألف طالب وطالبة انطلقوا من كل بقاع لبنان إلى عالم المعرفة.
كان شهيد لبنان وفقيد العرب يسأل:
«كم طالباً استقبلت المؤسسة وكم كانت الغنيمة اليوم. لأن هؤلاء الشباب وتلكن الفتيات سيتمكنون من معالجة مخلفات الحرب وآثارها قبل أن يفعل السياسون ذلك.»
هدف هذا الحلم عودة طاقات لبنان العلمية والتقنية إلى لبنان لتساهم في إعادة نهوضه وإعماره وإشعاعه ثانية على العالم.
حلم الشهيد رفيق الحريري الثاني كان إعادة البناء والإعمار لوطننا لبنان فاضطر إلى الدخول من باب السياسة الواسع بعد أن حضر لمؤتمري لوزان والطائف.
وشرع في عام 1982 بإعادة الرونق الجميل إلى بيروت بإزالة آثار الحصار الإسرائيلي وإعادة البسمة إلى وجهها، وتحقق له ذلك بعد عشر سنوات. فأصبح لبنان قبلة العرب والسائحين والثقافة والاستشفاء والتعليم والاستثمار.
ثوابت الرئيس الحريري هي ثوابت كل لبناني محب لوطنه شغوف بترابه وقيمه.
إن استشهاد الرئيس الحريري ورفاقه أطلق صحوة لبنانية تعيد الاعتبار إلى الوحدة الوطنية التي هي قوة للوطن وقوة للمواطنة، وتنبذ الانشقاق المذهبي والتطرف الطائفي كما كان يردد في خطبه ومداخلاته:
«نحن لا نؤمن بالطائفية أو المذهبية ونؤمن بأن اللبنانيين متساوون أمام القانون وبالحقوق السياسية والوظيفية، نؤمن بفصل السلطات وبالحريات الديموقراطية، وبالحياة البرلمانية وبحرية الإعلام والكلمة والمثقفين .»
ولكن نؤمن بالثوابت التي توافق عليها جميع اللبنانيين والتي تؤسس للسلم الأهلي الذي دعا إليه الرئيس الشهيد وعلى نسقه الرئيس سعد الحريري وهو ما يوحدنا كلبنانيين، وندعو إلى تطبيقها وتفعيلها حتى نخرج من أزماتنا المتلاحقة، والتي فوتت على لبنان الدخول في عصر الوفرة النفطية وتوظيف أموالها في خدمة نهضة المواطن. فالفرصة ما زالت سانحة الآن لإطلاق حبنا للوطن وشغفنا في لبنان وتلاقينا على لبنان أولاً ولبنان آخِراً وتنازل كل منا لمصلحة لبنان العليا عن مطالبه التي تخرج عن الثوابت التي أجمعنا عليها ليكون لبنان هو الغالب.
نأمل أن نوظف كما وظف الشهيد رفيق الحريري رصيده الاقتصادي والسياسي والاجتماعي وعلاقاته المتميزة على الصعيدين الإقليمي والدولي لاستقطاب التأثير لقضايا لبنان وفلسطين والعالم العربي.
إننا نثق أن تطبيق نهج الرئيس الشهيد في الإصلاح والمصالحة والانفتاح والبناء أساس في النجاح والإنجاز وهو خلاصنا إلى بر الأمان.
هذه الذكرى هي تجديد فعل الإيمان بلبنان الوطن الذي نهض بعد أن ارتوى بدماء الرئيس الشهيد ورفاقه وكل الشهداء الأبرار وهي وفاء للبنان وللبنانيين وأولادهم ووجودهم وحريتهم واستقلالهم ومستقبلهم ووفاء للحقيقة والحق.
نأمل جميعاً في استكمال مسيرة الحلم ونهج الرئيس الشهيد مغتربين ومقيمين واثقين بأن الأزمات الحالية التي تمر بلبنان هي عقبات عارضة لأن حبنا للبنان الغد المنتصر الواحد الموحد سينتصر.
إن جناحا لبنان المقيم ولبنان المغترب، يرسلان تحية إكبار وإجلال إلى دول العالم التي نصرته في كل محنة وعلى الأخص مؤازرته الكبيرة للبنان الصامد والمقاوم ونثمن الدعم السياسي والاجتماعي والمالي الذي سيقدم للحكومة اللبنانية الجديدةً برئاسة الرئيس الدكتور نواف سلام تشكيلا ورؤى.
إننا نتوجه إلى جميع القادة اللبنانيين الجدد أن يضعوا مصلحة لبنان العليا قبل كل إعتبار أو مصلحة، وأن ينأوا بلبنان عن سياسة المحاور والصراعات الإقليمية والدولية، ويكفي هذا البلد الجميل ما قدمه على مذبح الشهادة والتضحية.
الذكرى تترى والعبر تكبر والمواطن يسعى ويكد ويضحي بماله وبيته وأرضه دفاعاً عن لبنان ويأمل من عهد رئيس الجمهورية الثالثة الرئيس القائد جوزيف عون والرئيس القاضي الدكتور نواف سلام بدعم من مخلصي لبنان ومحبيه ان يستثمر في رؤى وتطلعات الشهيد رفيق الحريري .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى