
مغارة جعيتا ليست قاعة أعراس، نرفض التعدي ونطالب بالمحاسبة
في مشهد مؤلم ومستهجن، تحوّلت مغارة جعيتا – أحد أبرز المعالم الطبيعية في لبنان – إلى مسرح احتفالي صاخب، في حفل زفاف خاص تخلله إضاءة اصطناعية وموسيقى مرتفعة داخل تجاويف المغارة الحساسة.
هذا الحدث ألحق أضرارًا متعددة. فمن الناحية البيئة، المغارة بيئة طبيعية دقيقة، تتأثر بالصوت والضوء والرطوبة، وأي نشاط غير مدروس قد يخل بتوازنها الجيولوجي والبيولوجي.
وأما من الناحية الرمزية، جعيتا ليست موقعًا تجاريًا، بل إرث وطني رشّح ليكون من عجائب الدنيا الطبيعية، وتحويله إلى قاعة مناسبات يُفقده هيبته وقيمته الثقافية.
وأما على المستوى الإداري، تتكشف الفضيحة. فإقامة الحفل تمّ دون موافقة رسمية مكتوبة، وبناءً على طلب شفهي من رئيس البلدية إلى وزير السياحة، يكشف عن خلل جسيم واستهتار في إدارة المرفق العام، فما بالنا بإرث ثقافي كهذا.
وبحسب تصريح الوزارة، بلدية جعيتا هي الجهة المشغّلة للمغارة بموجب عقد بالتراضي مع وزارة السياحة، دون أي مزايدة علنية أو شروط تشغيل واضحة تحفظ البيئة والمال العام. وهذا التراخي يُحمّل وزير السياحة مسؤولية مباشرة عن غياب المعايير، وتفويض التشغيل دون رقابة أو شفافية.
وبناء عليه، نطالب بسحب تفويض التشغيل من بلدية جعيتا فورًا، ووقف أي نشاط غير مرخّص داخل المغارة. فتح تحقيق إداري ومالي في آلية التشغيل، وتحديد المسؤوليات داخل الوزارة والبلدية. وإطلاق مزايدة عالمية شفافة لإدارة المغارة، تتضمن شروطًا صارمة لحماية البيئة، وتحديد العائدات، وضمان إشراف الدولة على كل نشاط.
مغارة جعيتا ليست ملكًا للوزير أو للبلدية. إنها إرث جماعي يجب أن يُدار وفق أعلى المعايير، لا وفق الطلبات الشفهية والمصالح الضيقة.
