
مشروع الشيخ الفضلي في تجديد مناهج التعليم الديني
ان الكتب التي تستعرض شخصيات مهمة موجودة في مجتمعاتنا اليوم او كانت موجودة واثرت فيها وغيرت في امور معينة هي ذات أهمية حيث من المفيد ان نتعرف على اعمال لرجال او نساء ساهموا في تطوير مجتمعهم او وطنهم لتشجيع الشباب الصاعد لكي يكونوا قدوة هم بدورهم بدلاً من تأثرهم بالعديد من الشخصيات التي تعد تافهة حالياً في عالمنا.
لذا يستعرض الكاتب حسين منصور الشيخ لنا حياة الشيخ عبد الهادي الفضلي وتحديداً يتكلم عن تجديده لمناهج التعليم الديني وذلك من خلال كتاب نشر له سنة 2009 عن مركز الحضارة لتنمية الفكر الإسلامي.
يتألف الكتاب من قسمين القسم الأول بعنوان السيرة…البواعث والأرضيات ويتضمن ثلاثة فصول. فالفصل الأول يتكلم عن سيرة الشيخ عبد الهادي حيث كانت ولادته في البصرة وقامت والدته بإدخاله في دروس تعلم القرآن الكريم وذلك قبل المدرسة. انتقل الى النجف في عمر الرابعة عشر. إلتحق بكلية الفقه وبعدها جامعة بغداد لاكمال الماجستر بلغة العربية….يتكلم الفصل عن المحطات الأبرز في حياته ويعرض ايضاً مؤلفاته التي عددها كبير.
في الفصل الثاني، يتكلم عن مدينة البصرة ونشأتها وكيف كانت البصرة أيام الشيخ الفضلي. يتطرق الكاتب الى حياة الشيخ عندما كان صبياً وكيف كان يعيش في قرية صبخة العرب احدى قرى محافظة البصرة.
الفصل الثالث يعرض لنا الكاتب فيه عن ارهاصات التغيير ودوافع التجديد في محافظة النجف الاشرف. حيث يتكلم عن اهمية العلم والكتاب فيها وكيف تداخلت الثقافات في المدينة مع وجود عديد من الوافدين إليها. النقطة الاهم التي عرضت في هذا الفصل عن مراحل حركة الاصلاح العلمية في النجف. وضعت فيها معلومات غنية عن المدراس، الكليات، الاحزاب والتنظيمات المختلفة التي نشأت في كل مرحلة من مراحل الاصلاح التي حصلت وعُرض اسماء الشخصيات الابرز التي ساهمت في هذه الحركة (رجال الاصلاح).
في الاخير تم عرض الراوفد الثقافية التي كانت في المدينة واثرت على تكوين شخصية الشيخ الفضلي. فكل ما عاشته النجف وما كان بها من مؤسسات و تجمعات ثقافية او سياسية او دينية اثر على فكره.
القسم الثاني بعنوان “المشروع الفكري… مراحل ومعالم”. يتألف من اربعة فصول. فالفصل الاول يتكلم عن مرحلة النجف وتكون المشروع حيث هنالك ثلاث مراحل رئيسية اثرت على فكر الشيخ الفضلي. المرحلة النجفية، المرحلة الجامعية ومرحلة التفرغ الوظيفي. يعرض الكاتب لنا في هذا الفصل المنابع التي كونت شخصية الشيخ الفضلي من الاسرة الى المؤسسات. ثم تم التكلم عن الصراع الفكري وكيف ان ميزة مؤلفات الدكتور الفضلي كان الاهتمام الكبير بالتأصيل الإسلامي لعدد من القضايا والمسائل وخاصة مع ظروف التي كانت تعيشها الساحة العراقية في ذلك الوقت. كما ظهر في مؤلفاته تنوعاً في المصادر وذلك بسبب جمعه بين الدراسة الحوزوية والأكاديمية الجامعية. من سمات ايضاً كتابته انها وفق المنهج العلمي الحديث وتتنوع بين الكتابة المنهجية والمواضيع الجديدة. وصف الكاتب مشروع العلامة الفضلي بأنه مشروع اصلاحي في اطاره التجديدي وذلك ظهر من مؤلفاته الاولى فمن البداية كان هنالك مشروع يتبناه ويدعو إليه فكل كتاباته كانت تدعو للتجديد ومعالجة قضايا الامة برؤية معاصرة ويتكلم الكاتب عن كيف أسست للمرحلة المقبلة ويضع امثلة عديدة تسهل على القارئ فهم افكار الدكتور الفضلي.
كم اضاف الكاتب خلاصة لدراستين قد قام بهما عن كتابان لشيخ الفضلي هما ” التربية الدينية” و”خلاصة المنطق” وذلك لتبيان الاضافات الجديدة التي جاء بها الشيخ في مقرراته الدراسية في مرحلته النجفية.
في الفصل الثاني يتكلم عن مغادرة الشيخ الفضلي العراق هذا الخروج من الساحة العراقية كان له تاثير على مشروعه الاصلاحي واهتم بإختصاصه باللغة العربية فعرض ايضاً الكاتب كيف كانت اجواء هذه المرحلة وكيف شارك قي المؤسسات الثقافية وما ابرز صفات مؤلفاته وما اهم ما قدمه من انجازات.
الفصل الثالث يعرض كيف تفرغ الشيخ لمشروعه الجديد لانه عندما استقر في المملكة السعودية كان إلتزماه الوظيفي حائلاً دون تنفيد العديد من متطلبات هذا المشروع. النقاط الاهم التي عرضت في هذا الفضل كيف استكمل المشروع وكيف كان جو العام في هذه الحقبة الزمنية من تأسيس الجامعة العالمية للعلوم الاسلامية وقيامة الجمهورية الاسلامية في ايران…من ثم عرضت سمات المؤلفات التي كانت غزيرة في هذه المرحلة بسبب التفرغ الوظيفي والحصيلة العلمية التي وصل لها الشيخ. تم التكلم عن التجديد الفقهي والاصولي وما المساهمات التي قام بها الشيخ في هذه المرحلة.
نصل في الفصل الرابع اخيراً لنعرض معالم المشروع الاصلاحي للعلامة الفضلي و اهميته.فمعالم المشروع يمكن ان تُلخص بالعناوين الاتية: الاصلاح في اتجاهه التجديدي – تحديث الدراسة الدينية من نظام ومنهج- اعتماد منهج البحث العلمي الحديث- الدمج بين الاصالة والمعاصرة- المشاركة الحضارية للأسلام في عالم اليوم- الاستفادة من الدراسات الحديثة.
في الختام يعرض خلاصة ونتائج البحث اولاً من ان هنالك مشاريع اصلاح دينية دعت الى الانغلاق والالتجاء الى الماضي و هنالك اتجاه دعا الى الانفتاح والتجديد، البيئة التي عاشها الشيخ الفضلي اثرت على قيامه بمشروعه، قسم مشروعه الى ثلاث مراحل بسبب خروجه من العراق قسراً، مشروع الشيخ الفضلي يتميز بالاصلاح والتجديد والاهتمام بتحديث الدراسات الدينية، “تعد تجربة العلامة الفضلي يتيمة – من حيث موضوع اهتمامها في عصرنا الحاضر ذلك لان المتتبع لا يعدم وجود تجارب في تحديث المقررات الدراسة الدينية لكنها تظل حبيسة التجربة الداخلية التقليدية ولا ترقى في بعدها الاستفادة من التجربة الانسانية الحديثة كما هو الحال في تجربة الدكتور الفضلي.”
في اخر الكتاب ملحق بيبلوغرافيا مؤلفات العلامة الفضلي و لما نشر العلامة في المجلات والدوريات العربية.
اجد ان دراسة مشروع الشيخ عبد الهادي الفضلي مهمة لو مضى عليه وقت فمن المهم ان نعود الى بعض الاسس والى تجارب من سبقونا لنتعلم منها ولكي نضيف بدورنا تحولات على مناهج التعليم وغيره.