مقالات

قشور الدين والسياسة والمجتمع والإقتصاد وعلاقتها بمايحدث \ أسامة إسماعيل

المثقف والكاتب والصحافي الحقيقي هو الذي يميز بين المظاهر والقشور من جهة واللب والمضمون والجوهر من جهة أخرى، وإن الأمور كلها مرتبطة بهذا التمييز، وإن الواقع السيء والمتردي للدين والسياسة والمجتمع والإقتصاد والفن والإعلام هو نتيجة هذا الانفصام الشاسع بين الجوهر واللب والمضمون الصحيح والسليم من جهة والمظاهر والقشور واللب المهترئ والفاسد من جهة أخرى.

  • الدين والمذهب
    إن جوهر الدين وأصله هو توحيد الله بالعبادة والتقديس والولاء والدعاء، وكل ماينسجم مع العقل والمنطق والإرادة الفردية والحرية والكرامة والعدالة والراحة النفسية فيما الواقع هو تغليب القشور والمظاهر المزيفة، أهمها: تقديس أشخاص في مناسبات وعادات وطقوس، وتقديم المذهب على الدين واستغلاله والمتاجرة به لأجل الزعامة والسلطة والنفوذ والسيطرة والثروة، واشعال الحروب والصراعات باسم الأديان والمذاهب وممارسة الظلم الإقتصادي والإجتماعي باسمها أيضا”.
    السياسة
    السياسة في الأصل إدارة الشؤون العامة وتنظيمها لما فيه تنمية وتحسين أوضاع عامة وأمن وعدالة، ولكن، أصيبت السياسة كما أصيب الدين بالتحريفات والتشويهات والتزييف في مفهومها وأهدافها وفرغت من مضمونها ولبها الحقيقي ليستبدل بقشور السعي إلى الزعامة والسلطة والثروة والإنتخابات الشعبية وافتعال الأزمات والصراعات والحروب، وأدى اهتراء المضمون أو اللب وفساده وانحراف الأهداف إلى ضد مالأجله وجدت السياسة فتراجعت التنمية وساءت الأوضاع العامة وتردى واقع الحرية الفردية والفكرية والعدالة الإقتصادية والإجتماعية والكرامة الفردية والأمن، وخاصة في دول مايسمى “العالم الثالث” حيث السياسة خاضعة للعبة الدولية التي زرعت الكيان الإسرائيلي في فلسطين، والتي تصنع الحلفاء والخصوم بشكل مباشر أو غير مباشر، وتبذر أسباب الصراعات والأزمات والحروب مثل الصراع العربي الإسرائيلي والمشكلات الحدودية بين دول هذا الإقليم والصراعات الداخلية، واستغلال الإختلافات المذهبية والطائفية، والتضخم والفقر والبطالة والتفاوت الإقتصادي الشديد بين الأفراد. وفي الوقت الذي تدعم فيه هذه اللعبة الديكتاتوريات والحكم الوراثي في مايسمى “العالم الثالث” تدعم وتشجع حكم العامة والجماهير وصعود سياسيين وأحزاب على ظهر الإنتخابات والتظاهرات الشعبية كماتشجع قيام أحزاب طائفية وإيديولوجية شعبوية، وعلى غرار الأنظمة الديكتاتورية والوراثية(الأوتوقراطية)، لاقيمة للفرد ولاحقوق خارج القطيع الطائفي والعشائري والحزبي والشعبي في النظام الديموقراطي الإنتخابي العددي كما هو الحال في لبنان.
    قشور المجتمع والإقتصاد
    قشور المجتمع والإقتصاد هي امتداد لقشور الدين والسياسة وشوائبهما وتحريفاتهما، وبها يتغطى عديمو القيمة أو ذوو المضمون أو اللب المهترئ والفاسد والفارغ في المجتمع. فقشور المجتمع تقتضي أن يكرم الفرد ويحترم على أساس ولائه المطلق للمذهب الذي ولد عليه والنظام السياسي والإجتماعي بعاداته وتقاليده المتعلقة بالزواج وإنجاب الأولاد والعمل والسكن والسلوك وعدم انتقاده إياها، وعلى أساس مايملك من مال ومقتنيات لأن النظام الديموقراطي الإنتخابي واقتصاد السوق يقدران قيمة الفرد على أساس انخراطه في مايسمى اللعبة الديموقراطية ترشحا”واقتراعا” وانتسابا”لأحزاب، ودرجة ولائه لاقتصاد السوق عبر اتباع الطريق الأسهل والأسرع للحصول على دخل ثابت متوسط أو مرتفع وتحقيق الربح المالي وحجم قدرته الشرائية. وهذه الأمور غير متاحة إلا لمن كان متوافقا” مع النظام السياسي والإجتماعي وتابعا”لمن يعتبر ممثلا” للمذهب الذي ولد عليه واتبع سبيل” الواسطة “و” المحسوبية “والتملق، ولمن تخصص في مجالات ترتبط مباشرة باقتصاد السوق ومن يملك رأسمالا” للإستثمار والإنتاج،فيحترم الجاهل والسطحي والسخيف والوقح والمزعج والمنافق والإنتهازي والمتملق والغليظ والفاسد لأنه استفاد من النظام السياسي والإقتصادي والإجتماعي الذي يشجعه ويسهل له الحصول على دخل ثابت وربح مالي سريع وثروة وسيارة حديثة وفخمة وسريعة بأرقام مميزة، ويغطيه ليمارس الاستعلاء و”التشبيح” والإستخفاف والشماتة بالمثقف النخبوي الحر المستقل صاحب مهنة الكتابة والنقد والصحافة ونشر الإعلانات، الذي لايحصل على دخل جيد وثابت وربح، وعلى الإكتفاء المادي الذاتي والأمان الإقتصادي والإجتماعي.
    ليست مهمة الإعلام والصحافة خدمة النظام السياسي والإجتماعي والإقتصادي بل مهمته النقد والكشف عن شوائب هذه الأنظمة وسيئاتها، والدعوة إلى إزالة قشور الدين والسياسة والمجتمع والإقتصاد والفن، التي تحجب الجوهر واللب الصحيح والسليم، وتؤدي إلى تمكين أشخاص ومجموعات وإثرائهم على ظهر النخبوي الحر المستقل الكفء والجدير. وهذه التحريفات والشوائب والقشور والمظاهر المزيفة التي أصابت الدين والسياسة والمجتمع والإقتصاد والفن في المفاهيم والنهج والأداء والسلوك والأهداف أدت إلى مايحدث من أزمات وحروب واحتلالات أهمها الإحتلال الإسرائيلي والحروب الإسرائيلية، واضطرابات وأوضاع سيئة وظلم وفقر وبطالة وتفاوت إقتصادي وتهميش النخبوي الحر المستقل وغياب الحرية الحقيقية ومايعتري الواقع اليومي من فوضى وتسيب واستبداد وتعصب وضجيج عقيم وجمود مجدب.
    أسامة إسماعيل

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى