
الحصص الوزارية تناقض توجهات عون – سلام!.. غسان ريفي
يبدو واضحا من التناقض السياسي الذي يسيطر على الاستشارات غير الملزمة، أن أغلبية الكتل النيابية في واد، وأن الرئيس المكلف نواف سلام في واد آخر، وأن الفارق في التطلعات والتوجهات حول تشكيل الحكومة العتيدة يختلف إختلافا جوهريا بين الطرفين.
في الوقت الذي تتطابق فيه وجهات النظر بين رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون والرئيس سلام حول أن تكون الحكومة تأليفا وشكلا ومضمونا وبيانا وزاريا منسجمة مع خطاب القسم، الذي أكد فيه الرئيس عون أن “إنكسار أي مكون لبناني هو إنكسار لنا جميعا”، وشدد على “ضرورة الابتعاد عن المحاصصة والمكاسب السياسية”، ما تزال بعض الكتل النيابية تردد صدى هذا الكلام ثم تناقض نفسها وتعمل بعكسه.
وتعتبر هذه الكتل النيابية أن لها مونة ومنّة على الرئيس سلام كونها ساهمت في تكليفه لرئاسة الحكومة، وقد عبرت القوات اللبنانية عن ذلك أمس بعد خروج كتلة الجمهورية القوية من الاستشارات النيابية، حيث أكد النائب جورج عدوان أنه “بعد المعركة الكبرى التي خاضتها القوات لإيصال الرئيس سلام، من الطبيعي أن تكون الأجواء إيجابية”، مشددا على “ضرورة أن تعكس الحكومة التمثيل الصحيح للبنانيين”، ما يعني حصة للقوات من ثلاثة أو أربعة وزراء بناء لحجم كتلتها النيابية، وتثبيت مبدأ المحاصصة التي إعتادت عليه في الحكومات السابقة التي شاركت فيها لا سيما بعد تفاهم معراب الذي ساهم بوصول العماد ميشال عون الى رئاسة الجمهورية ونتج منه إقتسام السلطة والمواقع والمناصب بالتساوي بين القوات والتيار الوطني الحر، ومحاولة إختصار الساحة المسيحية.
وقد إنسحبت المطالبة بالتمثيل الوزاري بحسب التمثيل النيابي، وفقا لقاعدة “وزير لكل خمسة نواب” على الكتل النيابية التي إجتمع بها الرئيس المكلف، حيث لم يتماه أي من هذه الكتل مع توجهات عون ـ سلام، بل على العكس، منها من طالب بحسب عدد نوابه بوزيرين أو بوزير ونصف، ومنها من أوحى برفض تجاوز حضوره، ومنها من وضع شروطا بهدف الحفاظ على التوازنات، وربما يكون الآتي اليوم أعظم.
إذا، كل الكتل النيابية تحاول عرض عضلاتها وتجيير إنجاز تكليف الرئيس نواف سلام لها ومحاولة تقريش ذلك في السياسة وفي التمثيل الوزاري، لكن ما لا تدركه هذه الكتل، أن الرئيس سلام جرى تكليفه بقرار دولي ـ عربي ومن خلال تصويت 84 نائبا لبنانيا ساروا على المسطرة وبحسب التوجيهات التي وصلت إليهم إلا قلة قليلة منهم، ولا يحمل سلام منّة لأي تكتل نيابي، وغير مستعد لرد الجميل لأي كان، وهو يمتلك مع رئيس الجمهورية تصورا واضحا للحكومة سيعمل على أساسه، على أن تتولى الدول الراعية لهذه الحقبة الجديدة في لبنان، ضرب أي إعتراض وتأمين الثقة لها وبأكثرية نيابية، وإلا فإن سلام سيقلب الطاولة على الجميع وعندها فليتحمل النواب مسؤوليتهم تجاه ذلك.
بات واضحا أن الاستشارات النيابية ستنتهي من دون مشاركة الثنائي الشيعي إعتراضا على ما أسماه الانقلاب على الاتفاق الذي جرى قبيل إنتخاب الرئيس جوزاف عون، لذلك فإن الأنظار تتجه الى يوم الجمعة حيث من المفترض أن يلتقي الرئيس نبيه بري بالرئيس المكلف، فإما أن تحصل تسوية يشارك الثنائي بموجبها في الحكومة وهذا أمر مرجح، أو أن يتمسك الثنائي بالمقاطعة ويصار الى تشيكل الحكومة من دون الوزراء الذين يمثلون المكون النيابي الشيعي، ما قد يؤدي الى توترات سياسية، البلاد بغنى عنها.
واللافت، أن هناك من يحاول إشاعة أجواء إيجابية بتسريب معلومات عن إتصال جرى بين بري والرئيس ماكرون وتأكيد الأخير أنه يريد أن يزور لبنان في أجواء مريحة، لكن الأول نفى حصول هذا الاتصال، وهناك من يحاول تعميق الخلاف بين الثنائي الشيعي والعهد الجديد، والعمل بخبث سياسي لتبقى هذه القطيعة قائمة، وذلك من خلال إستفزاز الثنائي كما جاء على لسان النائب جورج عدوان بأنه إذا “ذكر البيان الوزاري ثلاثية جيش وشعب ومقاومة فإننا سنخرج من الحكومة ونعود الى المعارضة”.