
بعد نصف قرن على الحرب الأهلية المدولة في لبنان 2/2دوافع ، مسببات، مواقف، ومسلمات المؤرخ و الكاتب السياسي د. حسن محمود قبيسي
المجزرة الشرارة
يوم 13 نيسان كانت واقعات جرت لمعارك صارت حربًا أهلية تدوَّلت.كان منه وفيه الرد على عملية فندق سافوي في تل أبيب التي نفَّذها فدائيون من حركة «فتح ».
في تسلسل ساعات ذلك اليوم كان «حزب الكتائب اللبنانية » يحتفل بتدشين كنيسة سيدة الخلاص للروم الكاثوليك في شارع مار مارون.وفي اليوم نفسه كان احتفال للجبهة الشعبية – القيادة العامة بذكرى إحدى عملياتها.
حوالي الساعة العاشرة وصلت سيارة فولكسفاغن يقودها مسلح لبناني م . أ. ن، تابعة للكفاح المسلح الفلسطيني، وحاول رجال شرطة السيرمنعه من المرور، ولكنه تجاوزهم فاذا به يصطدم بجوزيف أبو عاصي مرافق الشيخ بيارالجميل، الذي حاول منعه من المرور بالقوة، لم يذعن سائق السيارة لإرادته وأكمل طريقه بسرعة فأطلق أبو عاصي عليه النار، فنزل سائق السيارة منها بسرعة، وإذ به يسقط على الأرض، حيث أصيب في كفه. ظن البعض أن رصاصة قد اخترقت يده. ونقل على الفورإلى مستشفى «القدس » الذي تشرف عليه المقاومة الفلسطينية. وبعد ثلثي الساعة تقريبًا وصلت سيارة «فيات » حمراء في داخلهاأربعة مسلحين، تجاوزت سيارة الدرك ثم أخذت بإطلاق النار عشوائيًا على مجموعة من شباب الكتائب والمواطنين التي كانت تتحضر لاحتفال تدشين الكنيسة، فقتل ثلاثة من حزب الكتائب والمدنيين وسبعة مدنيين
وجرح سبعة . قام شباب حزب الكتائب بالرد على ركاب سيارة «الفيات » الذين كانوا يلوذون بالفرار فقتل أحد مطلقي الناروجرح اثنان. خلال فترة وجيزة لا تتعدى ربع الساعة، وصلت تلك «البوسطة » التي تقل فلسطينيين كانت متوجهةإلى «تل الزعتر » بعد انتهاء الاحتفال بذكرى عملية «الخالصة » الأولى، وحاول حاجز الدرك منعها دون جدوى من الدخول إلى مسرح الاشتباك . انهال الرصاص عليها من كل جانب، مما أدى إلى مقتل 27 شخصًا، لكن نجا السائق اللبناني واثنان من الركاب !!!!.
مواقف
في 31 / 5/ 1975 وصَّف المفتي الشيخ حسن خالد الأزمة اللبنانية على شاشة التلفزيون الألماني:
«الأزمة اللبنانية ليست وليدة الساعة وإنما هي أزمة نتيجةً لتراكمات تاريخية كان يعيشها لبنان منذ الانتداب،
الذي جعل المجتمع مجتمعاً طائفياً وكرَّس الإمتيازات والحقوق لطائفة على سائر الطوائف. والأزمة هي
أزمة وطنية وليست أزمة طائفية.. وجوهرها المطالبة بالخلاص من هذا التركيب الطائفي والدعوة لبناء
دولة ديمقراطية.»
- في 15 / 8/ 1975 شنّ بطريرك الروم الارثوذكس الياس الرابع حملة على الإمتيازات الطائفية والامتيازات المارونية خاصة، وعلى الميثاق وعلى حزب الكتائب دون أن يسميه.
في 18 / 8/ 1975 أذاع كمال جنبلاط وثيقة الإصلاح الديمقراطي.
في 21 / 8/ 1975 أنذر الرئيس السادات المقاومة الفلسطينية بضرورة الانسجام مع ممارساته السياسية وإلا واجهت المشاكل في لبنان.
في 25 / 8/ 1975 شنّت الكتائب والرابطة المارونية والشاعر سعيد عقل حملة على البطريرك الماروني خريش في بلدته عين إبل نتيجة مواقفه المعتدلة.
-3/3/ 1976، في افتتاحية صحيفة « أرارات » الأرمنية :« إن الأرمن يفضلون لبنان كما هو عليه الآن ، على لبنان الذي تسيطر عليه الطائفة المارونية.» - 15/9/ 1976: بطريرك الروم الكاثوليك الياس الرابع : «أسباب طبيعية و اجتماعية وراء الأزمة ».
المسلمات
لبنان أولًا ، لايتقدم عليه لا طائفة ولا مكون ولا فئة ولا منطقة . تقوم على تحرره و تقدمه دولة قوية عادلة ، دولة المساواة والرعاية الاجتماعية والتخطيط والرؤى الاستراتيجية ، فهي ضمانة الأمن و الاستقرار والنمو و التطور؛هذا في الداخل.
وفي العلاقات الدولية : تقديم مصلحة لبنان و شعبه على مصالح كل الآخرين ، و تمتين العلاقات مع الدول الشقيقة و الصديقة دون الانجرار إلى سياساتها ، واعتماد سياسة ومواقف الحياد دون الانعزال ، وتأييد الحقوق العادلة و حرية تقرير المصير للشعوب ، دعمًا سياسيًا و إنسانيًا لا يصل لا إلى الأسناد ولا إلى المشاركة .