
الناشطون الإعلاميون في طرابلس: صوت المدينة وصناع التغيير \ كتب الاعلامي رفعت الشيخ
مدينة طرابلس لطالما عانت من التهميش وحرمانها من أبسط حقوقها، سواء على الصعيد السياحي أو الإعلامي. في قلب هذه الأزمات والتحديات، برز الناشطون الإعلاميون كقوة تغيير لا يمكن التغافل عنها، ليسوا مجرد مراقبين سلبيين للأحداث، بل صانعي تغيير حقيقيين ورافعي صوت المدينة ضد كل أشكال التحديات والصعوبات.
أثبت هؤلاء الناشطون، خلال أوقات عصيبة مثل الاعتداءات المروعة على المدينة وتفجيري مسجدي التقوى والسلام، أنهم هم الحصن الإعلامي الحقيقي لطرابلس. كان وجودهم بالغ الأهمية في توثيق المعاناة، ولكنهم لم يكتفوا بذلك؛ بل سلطوا الضوء على صمود المدينة وأهلها، مما جعل طرابلس حاضرة في الوعي الوطني والإعلامي رغم محاولات تهميشها.
ومع بزوغ الثورة الرقمية وظهور مواقع التواصل الاجتماعي كفيسبوك وواتساب، استغل الناشطون هذه الأدوات بكفاءة عالية لنقل الحقيقة كما هي، دون تزييف أو تضليل. استطاعوا نقل نبض المدينة بكافة تفاصيله، من صرخات المهمشين إلى جمال أحيائها وأسواقها، مسلطين الضوء على المدينة المهملة إعلاميًا وسياحيًا. هذا التحول الرقمي جعل طرابلس أكثر حضورًا في الفضاء الإعلامي، وحوّل الهواتف المحمولة إلى منصات تنبض بأخبار المدينة وأهلها.
لقد تجاوزت جهود هؤلاء الناشطين حدود العمل الفردي، حيث اتفق عدد كبير منهم على توحيد جهودهم عبر مبادرات هادفة. من بين هذه المبادرات، انطلق تجمع صفحات طرابلس والشمال “مبادرون”، الذي نجح في توحيد صفحات إعلامية مختلفة، ليشكل شبكة مؤثرة تعمل على نشر الأخبار وتغطية الأحداث بكفاءة ودقة. هذه الشبكة الإعلامية لم تكن مجرد مصدر للأخبار، بل أصبحت جسراً بين الناس والمسؤولين، وأداة لإيصال أصوات الذين لا صوت لهم.
مع انتشار صفحات التواصل الاجتماعي، أصبح الخبر العاجل يُنقل بسرعة البرق، وكأن طرابلس أصبحت تنبض عبر شاشات الهواتف المحمولة. لم تكن هذه الصفحات مجرد منصات لنقل الأخبار، بل فضاءات لإحياء الذاكرة الجماعية للمدينة. على سبيل المثال، صفحة “طرابلس بالأبيض والأسود” أحيت تاريخ المدينة عبر نشر صور نادرة تُظهر جمالها في عصور مضت، إلى جانب فيديوهات حديثة تسلط الضوء على جمالها الطبيعي والحضاري.
الثورة الرقمية كان لها أثر عظيم على الإعلام، إذ أدت إلى تراجع الصحف الورقية التقليدية أمام سطوة المواقع الإلكترونية التي تلبي حاجة الناس إلى الأخبار السريعة والموثوقة. لقد كانت مواقع مثل “الوفاق نيوز”، التي تأسست عام 2012، و”Tripoliscop” من أوائل المواقع التي أدركت أهمية تقديم محتوى إعلامي متجدد. ورغم كل هذا التغيير، لا يزال هناك من يحاول التقليل من دور الناشطين، معتقدين أن وجودهم يضعف الإعلام التقليدي. لكن الواقع أثبت العكس، فهؤلاء الناشطون أصبحوا مصدرًا لا غنى عنه للإعلام، حيث نقلوا صوت المدينة وأبرزوا قضاياها.
الناشطون الإعلاميون هم أبطال حقيقيون يعملون بلا كلل أو ملل، يواجهون التحديات بصبر وإصرار، ويضحون بوقتهم وجهدهم لتكون طرابلس أجمل وأقوى. لقد سهروا الليالي ليقدموا للمدينة إعلامًا نابضًا بالحياة، إعلامًا ينقل الحقيقة وينحاز لأهل طرابلس دون تحيز. هم صوت المدينة وصراخها، وجنودها المجهولون الذين رفعوا لواء الدفاع عنها، مستحقين الاحترام والتقدير، وليس التقليل من شأنهم أو التعامل معهم بفوقية.