الجيش اللبناني :سيادة المؤسسة وهيبة القيادة ، صنوان ! نبيل الزعبي
في أوج الخطر الداهم على البلاد على ايدي العدو الصهيوني والحاجة الاستراتيجية الوطنية العليا إلى تقديم كل دعم وإسناد للجيش اللبناني ، يخرج على اللبنانيين احد اقطاب السياسة الداخلية في اطلالةٍ متلفزة يتناول فيها قيادة الجيش بأغلظ عبارات النقد المرفقة بالاتهام ب” خيانة الامانة وقلة الوفاء ومخالفة القوانين ” ، في موقفٍ داخلي غير مسبوق يُعتَبَر بحد ذاته خيانةً موصوفة للامن الوطني اللبناني يستدعي من القضاء العسكري التحرك العاجل امام مواقف سياسية لا تهدف سوى إلى اضعاف معنويات الجيش قبل التطاول على قائده والمس بكرامته ،
وتجاوز الخطوط الحمر على سيادة المؤسسة العسكرية المُناط بها حماية المصالح الوطنية العليا للبلد وحفظها من كل تدخل داخلي وخارجي .
يأتي ذلك في خِضّم “الهمروجة”
الملهاة التي احتلت الصدارة في يوميات الحياة السياسية اللبنانية منذ الإعلان عن استحقاق العاشر من شهر يناير (كانون ثاني) المقبل موعد انتهاء ولاية قائد الجيش اللبناني والجدل الحاصل حول التمديد له ، ما بين معترض وموافق ومتردد ومن ينتظر ،مراقباً ، ترك كلمته للدقيقة الأخيرة التي ستقرر المسار الذي سيكون عليه الجيش في الحادي عشر من يناير ،وهو الذي أُنهِكَ على ايدي من يتجاذبونه اليوم ، منهم من رمى على المؤسسة والقائد مسؤولية الامن والاستقرار وشكره على دوره الوطني قبيل وبعد انتفاضة السابع عشر من تشرين ، ومنهم من يتهجّم على “القائد” ولا يترك مناسبةً إلا ويجاهر بكل أنواع التصريح والتلميح في محاولة لقطع طريق العودة عليه إلى رأس المؤسسة ،بتأييد ومباركة رئيس الجمهورية السابق الذي أطلق كلاماً مطابقاً لكلام الحاشية التي لم يُرضِها أداء القائد المتوازن عندما نزل اللبنانيون إلى الشارع في السابع عشر من تشرين ٢٠١٩ اعتراضاً على سياسات المنظومة الفاسدة التي أوصلت البلاد إلى حضيض العيش المغمّس بالعرق والدم ، وهي، اي الحاشية ، التي وضعت نفسها في مقدمة هذه المنظومة عندما طالبت الجيش بقمع المتظاهرين وسحق تحركاتهم وساءها ان لا يدخل الجيش في حمام دم مع شعبه وصار مطلوباً محاسبته على دوره الوطني وعدم سماح “القائد” ادخاله في زواريب السياسة ومستنقعاتها الآسنة التي لا يجد سياسيو المنظومة متنفساً إلا بها وفي دواخلها .
كيف توفّق حاشية السوء بين التطاول على قائد الجيش ، فيما المؤسسة هي التي تحمي الحاشية ومن يتكلم بإسم الحاشية وتوفر له كل مستلزمات الامان وهو يتنقل بين اكثر من منطقة وبيئة شعبية تعتبره غير مرغوباً به ولا تجد ما تتعامل معه سوى البيض الفاسد ترميه على مواكبه المدججة بالمرافقين والأمنيين الذين يعتدون بوقاحة على المتظاهرين السلميين كما حدث في طرابلس يوم الاحد ١٠/١٢ الجاري ، وأنها حقاً لمفارقة عجيبة انما تدل على واقع الانفصام الذي يعيشه هؤلاء عندما يُخيفهم ان يجدوا في قائد الجيش مرشحاً مرغوباً به لرئاسة الجمهورية لدى اكثر من مرجعية نيابية وسياسية داخلية ، معتبرين ان وجوده في قصر بعبدا سيسحب منهم “البساط”الشرعي الذي طالما احتموا به كي يؤمن لهم ديمومة شعبيتهم واعتبار ان مؤسسة الجيش التي تولى”ملهمهم”
قيادتها يوماً ، يجب ان تبقى حصرياً خاضعةً لمواقفهم وأوامرهم ، حتى لو تعارضت مع المصلحة الوطنية العليا واصطدمت بالمواطنين المعارضين لسياساتهم .
ان ما يعني اللبنانيين في هذا المجال ، هو الجيش اللبناني ، المؤسسة الوطنية الجامعة العابرة للطوائف والمذاهب والمناطق ، وحمايتها من مختلف أشكال إخضاعها للتجاذبات السياسية الداخلية ومنع تكرار ضرب الجيش في الصميم كما حصل في حرب السنتين وقِسْمَتِهِ بين اكثر من طرف وفصيل مسلح توزع على جبهات القتال الداخلي العبثي ، فمؤسسة الجيش التي بقيت صامدةً حتى اليوم في وجه الشرخ السياسي الكبير الذي يعيشه البلد وأدى إلى الانحلال التدريجي للدولة ومؤسساتها ، تبقى اليوم وغداً ، هي العمود الفقري للبلد الذي لا امل بأخراجه من حال الشلل والوقوف على رجليه من جديد سوى بالجيش – المؤسسة الوطنية العادلة التي تتعامل مع شعبها كمواطنين، عليها حمايتهم والدفاع عن كل ما يجعل الامن والاستقرار حالةً دائمة وثابته في يومياتهم .
لقد جاء في محله قرار المجلس النيابي بالتمديد لقائد الجيش سنة كاملة ، ليحفظ للقائد والجيش ما يستحقانه من مؤازرة واعادة اعتبار وطنية ومعنوية جامعة في ظل الاخطار الداهمة على ابواب البلاد ، ولينزع فتيل التفجير من ايدي من لا يكترثون بإحراق البلد في سبيل الحفاظ على مصالحهم الخاصة ، حتى لو ادى ذلك إلى إلغاء كل ما يتعلق بالوطن من مصالح .