
الرئيس المؤسس للمنتدى القومي العربي معن بشور لـصوت الأحرار الصحيفة الناطقة باسم جبهة التحرير الوطني في الجزائر:
دور الجزائر في وقف العدوان على غزة استكمال لدورها في النضال ضد الاستعمار
=استمرار الحرب في غزة كشف هزال الموقف العربي والإسلامي
أكد الأمين العام السابق للمؤتمر القومي العربي معن بشور في حوار خص به صوت الأحرار في الذكرى الأولى للعدوان الصهيوني على غزة أن هذه الحرب المستمرة كشفت عن هزال الموقف العربي والاسلامي الرسمي الذي يترك شعبا بأسره معرضا للابادة الجماعية دون أن يقوم بتحرك فاعل، في حين اعتبر أن الأمة كلها تتطلع بارتياح لدور الجزائر على المستوى الدولي بل حتى على المستوى الافريقي ودول حركة عدم الانحياز ، موضحا أن دورها اليوم هو استكمال لدورها في النضال ضد الاستعمار وفي انتصار لقضية فلسطين على أكثر من مستوى.
حاورته سهام بلوصيف
تحل اليوم الذكرى السنوية الأولى لملحمة طوفان الأقصى، سنة من القصف الوحشي والمجازر الدموية والابادة الجذرية التي طالت أهل غزة وامتدت الى الضفة، واليوم تصل نيرانها الى لبنان، كيف تقيمون الوضع؟
بعد عام كامل من الحرب الدموية والعدوان الوحشي على غزة وعموم فلسطين وعلى جنوب لبنان وكافة قوى المقاومة نستطيع ان نقول وباختصار شديد ان العدو عالق في مازق هذه الحرب ، فلا هو قادر على الانتصار ولا هو قادر على التراجع، فالانتصار فيها مستحيل مع بطولات المقاومة في غزة وفلسطين وفي لبنان وساحة المقاومة والتراجع أيضا يعني هزيمة للعدو ولكل داعميه لاسيما الولايات المتحدة الأمريكية ، لذلك ستبقى الحرب سجالا يتفوق فيها العدو علينا بوحشيته الظاهرة والتي كلما أمعن فيها كلما انكشف هو وحلفاؤه أمام العالم أجمع وتبين كم كانت ادعاءتهم كاذبة بالحرص على الديمقراطية و حقوق الانسان لكن دون شك كشفت هذه الحرب المستمرة عن هزال الموقف العربي والاسلامي الرسمي الذي يترك شعبا بأسره معرضا للابادة الجماعية دون أن يقوم بتحرك فاعل من أجل وقف هذه الحرب الاجرامية التي بدأت في غزة لتعم كامل فلسطين وتصل إلى لبنان وهاهو قصف العدو يشمل معظم مناطق لبنان ويشرد مئات الألاف من أبنائه خارج بيوتهم، ويجعلهم يدفعون أثمانا باهضة لعل أبرزها هو خسارة الامين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله، ولكنني أعتقد أن الانتصار في هذه المعركة قد تحقق لفلسطين وقضيتها منذ
اليوم الأول ومايجري حتى الآن من حرب على فلسطين ولبنان هو محاولة لتغيير النتيجة ولكن عبثا يفعلون بل كل يوم تستمر فيه هذه الحرب ينكشف فيه العدو أكثر وأكثر ليس بوحشيته فقط بل بعجزه وضعفه في تحقيق الانتصار.
إن الأيام التي كان يقال فيها أننا أمام جيش لا يقهر أي الجيش الصهيوني قد انتهت وبتنا أمام أيام جديدة نرى فيها كيف يقهر هذا الجيش وكيف يقهر داعموه بفعل بطولات ابناء فلسطين ولبنان والمقاومين في كل أرجاء الأمة.
أنتم في الجزائر أكثر الناس إدراكا لهذه الحقيقة، فبالنضال على مدار 132 سنة ضد الاستعمار الفرنسي انتصرت الجزائر وهاهي مستقلة تعلن منذ يوم الاستقلال لدالاولإن استقلالها لن يكتمل إلا باستقلال فلسطين.
2
الغطرسة الصهيونية تعدت إلى لبنان، لاستهداف محور المقاومة وتحقيق مايسميه قادة الاحتلال الشرق الأوسط الجديد، ماهي قراءتكم للمشهد الراهن وتداعياته على المقاومة؟
أن يمتد العدوان إلى لبنان ليس بالامر المستغرب على هذا العدو، خصوصا أنه تلقى أكثر من هزيمة على يد المقاومة الللبنانية بدءا من تحرير الأرض من الاحتلال الصهيوني عام 2000 وصولا الى عدوان تموز2006 ، حيث الحق بالعدو هزيمة كبيرة، ولكن يضاف الى كل هذا، ان هذا العدوان بامتداده الى لبنان يكشف ايضا عجزا واضحا لدى الصهاينة، وإقرارا بانهم لم يحققوا أي هدف من أهدافهم في غزة وعموم فلسطين، فهم بامتداد عدوانهم على لبنان إنما يؤكدون أنهم يعتمدون سياسة الهروب إلى الأمام، وهذا الهروب قد يمتد إلى جبهات أخرى لأن في كل مرة يفشل العدو في الانتصار على جبهة يلجأ إلى فتح جبهة جديدة لكي يقنع جمهوره من جهة وحلفاءه من جهة أخرى أنه ما زال قادرا على القتال، لكن المعركة في لبنان رغم الخسائر التي مني بها اللبنانيون على كل صعيد من أهلهم من مقاويمهم، من قادتهم، من بيوتهم، وقراهم، مزارعهم،مصانعهم لن تغير من صورة المعركة شيئا بل العكس من ذلك، هاهي المقاومة اللبنانية تلحق كل يوم هزائم بالعدو الذي حاول منذ اسبوع تقريبا أن يتوغل بريا في لبنان وفي كل مرة يحاول التوغل يتكبد خسائر رفادحة ولايستطيع التقدم مترا واحدا، يبدو أن العدو لم يتعلم من دروسه السابقة من لبنان، أن لبنان بمقاومته وبجيشه وبشعبه وبوحدته عصي على كل محتل وغاز وأنه يستمد من تجاربه في الحرب ضد العدو خبرات وقدرات لم يكن يمتلكها سابقا وهي عنصر قوة له في هذه المجابهة.
الحرب على لبنان قد يكون فيها خسائر بشرية ومادية كبيرة ولكن اللبنانيين توحدوا حول رفض العدوان وترفعوا عن خلافات كانت بينهم لينتصروا لبلدهم واستقلاله وحريته على العدو الغاشم.
- 3طوفان الأقصى نقطة فاصلة في الصراع ضد الكيان الصهيوني، فبفضله عادت فلسطين لواجهة الأحداث، كما أنه أماط اللثام عن نفاق وخيانة جل الأنظمة العربية والإسلامية، التي طالما رفعت شعار الدفاع عن القدس وفلسطين، والتي هرولت للتطبيع. في رأيكم، وعلى ضوء الأحداث الجارية، أي مستقبل ينتظر الأمة العربية والإسلامية ؟
=أعتقد أن عاما من مواجهة هذا العدوان الصهيوني وهذه الإبادة الجماعية التي يمارسها هذا العدو الصهيوني، قد أماطت اللثام عن جهتين، الجهة الأولى هي الأنظمة العربيةو الإسلامية في معظمها والتي دخل بعضها في معسكر التطبيع حين توقفت عن دعم شعب فلسطين وشعب لبنان والقيام بواجبها للرد على العدوان على كل المستويات، لا بل أنه حتى قرار بسيط بطرد السفراء الصهاينة من بعض البلدان المطبعة أو بالغاء اتفاقيات التطبيع بين هذه البلدان والعدو لم يجرأ عليها هؤلاء الحكام الذين يعتقدون أن مصيرهم يتقرر بين واشنطن وتل أبيب فيما الذي يجري على الأرض في فلسطين ولبنان ليس لهم أي علاقة به.
أما الجهة الثانية التي تم انكشافها هي بما يسمى المجتمع الدولي أو بشكل خاص الولايات المتحدة الأمريكية ودول الغرب المهيمنة على المنظمات الدولية وخصوصا منظمة الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، فقد كشف العدوان زيف اداعاءات هذه الدول بحرصها على الديمقراطية وحقوق الانسان وكشف أيضا كيف أنها تنظر إلى الأمور بمكيالين، فمهما ارتكب العدو من جرائم ضد الانسانية وجرائم حرب تقف إلى جانبه وتبرر له ذلك بذريعة الدفاع عن النفس، بينما إذا قام الفلسطينيون وعيرهم من المقاومين بعملية مقاومة بسيطة هي من أجل الدفاع عن النفس يقيمون الدنيا ولا يقعدونها ويتهمون المقاومة بالإرهاب.
إن من منجزات طوفان الاقصى أنه كشف الزيف سواء في النظام الرسمي العربي والاسلامي أو في النظام الدولي القائم وكشفت أن حكام العالم وحكام المنطقة باتوا شركاء في كل جرائم العصر التي ترتكب سواء من قبل الصهاينة أو من قبل داعميهم في كل أنحاء العالم.
4
تقوم الجزائر بجهد مكثف وملموس في مجلس الأمن الدولي لنصرة القضية الفلسطينية ووقف العدوان الصهيوني، ما هي قراءتكم لهذا الموقف ؟
الأمة كلها تتطلع بارتياح لدور الجزائر على المستوى الدولي بل حتى على المستوى الافريقي ودول حركة عدم الانحياز، وأعتقد أن بعض القرارات التي صدرت عن مجلس الأمن والأمم المتحدة متعلقة بوقف اطلاق النار أو بالاعتراف بفلسطين دولة كاملة العضوية بالأمم المتحدة ماكان لها أن تصدر لولا جهد مبذول من الجزائر على مستوى مجلس الأمن والتي كنت من أوائل المتفاءلين باختيار الجزائر ممثلا للمجموعة العربية الإسلامية في مجلس الأمن لأنني كنت واثقا أنه سيكون للأمة العربية والإسلامية صوت حقيقي في مجلس الأمن الدولي رغم اقتناعنا بأن النظام الحالي القائم في الأمم المتحدة يمكن بعض الدول من تعطيل أي قرار ينتصر فيه المجتمع الدولي لصالح الشعوب المستضعفة أو المعتدى عليها.
دور الجزائر اليوم هو استكمال لدور الجزائر في النضال ضد الاستعمار وفي الانتصار لقضية فلسطين على أكثر من مستوى، وهو دور مقدّر من قبل أبناء الأمة العربية والاسلامية كلها ويدعون إلى المزيد على المستوى الدولي الذي ينبغي أن نعرف أن التحرك فيه هو رافد للمقاومة على الارض ويجب أن نسعى من أجل تطوير الأمم المتحدة ومجلس الأمن إلى مرحلة لا يعود فيها تاثير لفيثو هذه الدولة أو تلك على القرارات التي تعتمد العدل والحرية وتنفيد قرارات ومواثيق الأمم المتحدة.وهنا أشير الى نقطة أتمنى أن ينتبه إليها مندوب الجزائر أن هناك في ميثاق الأمم المتحدة مايسمى ببند التحالف من أجل السلام وهو بند يعطي للجمعية العامة للأمم المتحدة حق اتخاذ قرارات ملزمة في بعض الشؤون المتصلة بالحروب كما كان الأمر خلال الحرب الكورية عام 1950 وخلال العدوان الثلاثي على مصر سنة 1956، يومها كان الفيثو لبعض دول الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن يحول دون اتخاذ هذه القرارات بوقف الحرب لكن في الجمعية العامة للأمم المتحدة اتخذ قرار تحت هذا البند وهو قرار ملزم، واعتقد ان الجزائر يمكن ان تقود حملة من اجل اتخاذ قرارات ملزمة لوقف الحرب تحت بند التحالف من اجل السلام خصوصا ان الاغلبية الساحقة للدول الاعضاء في الامم المتحدة باتت تنتصر لحقنا في الحرية والسلام.
5
كيف تقيمون التدخل الايراني في هذه الحرب؟
أولا يجب التأكيد أن ايران هي دولة إسلامية معنية بما يجري في المنطقة وخصوصا بما يتعلق بفلسطين ومقدساتها وبالأقصى الشريف، ثانيا أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية قد تجنبت الدخول في هذه المعركة حتى ارتكب الصهاينة في حقها عدوانا انتهك سيادتها يوم جرى اغتيال القائد الكبير المجاهد اسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في قلب طهران، هنا شعرت إيران أنها لا تتدخل في حرب بقدر ما تدافع عن سيادتها وعن كرامتها وعن هيبتها، فردت على الكيان الصهيوني الذي يحاول أن يرد بدفع ربما من الولايات المتحدة الأمريكية على إيران خصوصا وأنه تلقى ضربة قوية وقد يجري هذا الرد الايراني أقسى من الرد السابق كما يقول المسؤولون الايرانيون.
من هنا فان التدخل الايراني في هذه الحرب جاء ردا على عدوان صهيوني عليها تكرر في دمشق من خلال قصف القنصلية الإيرانية واستشهاد عدد من كبار المستشاريين العسكريين الايرانيين وايضا اغتيال المجاهد اسماعيل هنية في قلب طهران، فالتدخل الايراني إذن جاء ردا على عدوان عليها ولم يكن تدخلا في أمر لم تكن معنية عسكريل به.
من هنا، فالموقف الايراني بدون شك دعم قوي للعرب وربما يكون قدوة لكي يتخذ العرب أيضا مواقف مماثلة تحاصر الكيان الصهيوني وتقاطع من يدعمه كي تتكلل هزيمته العسكرية على الأرض بفعل المقاومين بهزيمة سياسية على كل المستويات.