مقالات

صندوق النقد في بيروت … ( الجزء الأول ) \ كتب غسّان حلواني

بحسب مصادر مطّلعة، سيقوم وفد من صندوق النقد الدولي، بزيارة لبنان في شهر آذار القادم. وكما ذكرت هذه المصادر أنّ الوفد سيجتمع بجهات مالية واقتصادية لبنانية على رأسها وزير المال ياسين جابر. سيكون في جعبة الوفد أسئلة كثيرة، حول ما آلت اليه الإصلاحات المالية في لبنان، ومن أبرزها إعادة هيكلة القطاع المصرفي.
إنّ إصلاح هذا القطاع المصرفي، يتطلب مقاربة شاملة تعالج الأزمات المالية والاقتصادية الحالية وتعيد الثقة إلى النظام المصرفي. والمنطق يقول إنه لا يمكن إصلاح القطاع المصرفي بمعزل عن الإصلاحات السياسية والاقتصادية الشاملة.، وفق خطة ناجحة يجب أن تكون عادلة، شفافة، ومدعومة ببرنامج اقتصادي يضمن الاستدامة المالية وإعادة الثقة تدريجياً.
إنّ عادة هيكلة القطاع المصرفي، ستحتاج الى دمج وإعادة رسملة البنوك غير القادرة على تلبية التزاماتها، وفرض معايير صارمة على المصارف لضمان استدامتها المالية، وتصفية المصارف غير القابلة للإنقاذ وفق خطة مدروسة لحماية المودعين.
و كذلك يحتاج للتفاوض إلى إعادة جدولة الديون السيادية ، بطريقة لا تؤدي إلى خسائر ضخمة للمودعين الصغار، وتوزيع الخسائر بشكل عادل بين الدولة، المصارف، والمودعين الكبار، وإلغاء الهندسة المالية التي استفادت منها بعض المصارف على حساب أموال المودعين.
لإستعادة الثقة بالقطاع المصرفي، يجب إعادة الودائع تدريجياً، ووضع خارطة طريق لرفع القيود المصرفية بطريقة تضمن عدم انهيار النظام، واستحداث صندوق لتعويض المودعين تدريجياً وفق برنامج اقتصادي واضح، وضبط التحويلات إلى الخارج لمنع تهريب رؤوس الأموال. و هذه الخطوات يجب أن تأتي في إطار من تعزيز تعزيز الشفافية والمساءلة، وفرض رقابة صارمة على المصارف من قبل مصرف لبنان وهيئات مستقلة، وإجراء تدقيق جنائي شامل لمعرفة أين ذهبت أموال المودعين، ومحاسبة المسؤولين عن سوء الإدارة والتلاعب المالي.
و من الخطوات الكبيرة التي يجب أن تتخذ، ضمان ستقلالية مصرف لبنان عن التدخلات السياسية، و إعادة هيكلته، و تحسين سياسات النقد لضبط التضخم وإعادة التوازن بين العرض والطلب على الليرة. ويتزامن كل ما تقدّم مع إصلاح القطاع الاقتصادي الموازي و تشجيع الانتقال من الاقتصاد الريعي إلى الإنتاجي لزيادة مصادر النقد الأجنبي، و كذلك تحفيز الاستثمارات في القطاعات الإنتاجية مثل الزراعة والصناعة والتكنولوجيا. و من الضرورة بمكان ضبط السوق السوداء وسعر الصرف عبر سياسات نقدية أكثر شفافية.
و بماأن ما تقدّم سوقف يحتاج حكما ً مساءلات و محاسبات قضائية، لا بد من إصلاح النظام القضائي ليتمكن أيضاً من تسريع البت في الدعاوى القضائية ضد المصارف المتورطة في تهريب الأموال.
العلاقة بين لبنان وصندوق النقد الدولي قائمة على التفاوض حول برنامج إنقاذ اقتصادي، حيث يسعى كل طرف لتحقيق مصالحه الخاصة وفق رؤية اقتصادية مختلفة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى