
لست أنت من تحدد طبيعة المواجهة ومكانها وزمانها .. كتب: محمد اسوم
عندما خرج الفتية معتزلين لقومهم فارين بدينهم ، كانوا يعرفون الكهف مسبقا
((وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنشُرْ لَكُمْ رَبُّكُم مِّن رَّحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُم مِّنْ أَمْرِكُم مِّرْفَقًا))
كانوا يريدون أن يتخذوا من الكهف مقرا لهم …
هذه كانت خطتهم الوحيدة ..
وغير ذلك كانوا يعتمدون فيه على الله أن ينشر لهم من رحمته وأن يهيء لهم من أمرهم رشدا ..
هم خرجوا فرارا بدينهم من التعذيب والقتل …
لم يكونوا يعلمون أنهم سينامون ٣٠٠ عاما ثم يستيقظون أياما ليكونوا آية من آيات الله في الأرض إلى يوم الدين
((وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا))
أرادوا شيئا ، وأراد الله شيئا آخر
جهزوا أنفسهم لمواجهة الشرك …
فجهزهم الله لمواجهة إنكار يوم القيامة ..
خرجوا وهم يحتاجون إلى من ينصرهم في زمانهم
فاختارهم الله ليكونوا ناصرين للمؤمنين بعد ثلاثة قرون ..
أخرجهم كليا من زمانهم وأعادهم كليا في زمن بعيد جدا ..
ناموا وهم فتية …واستيقظوا بعد ٣٠٠ عام وهم فتية
((وَكَذَٰلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لَا رَيْبَ فِيهَا))
نحن علينا النية والعمل …والله يقدر ويدبر أين ستثمر نيتنا وعملنا ، ومتى ستثمر نيتنا وعملنا …..
قد يكتب العالم كتابا في الفقه أو في التفسير أو في أي فن من فنون العلم ، فلا يبالي به الناس ، ثم تمر القرون ، فيبعث الله كتابه من جديد ليكون نبراسا وهداية ومنارة …
قد يحمل المجاهد بندقيته ويقاتل لأيام ثم يرتقي شهيدا ..وتمر السنين ..فيأتي قوم مجاهدون يحيون سيرته ويسيرون على نهجه ويتسمون باسمه ..
أليس هذا ما حدث مع الشيخ المجاهد عز الدين القسام ؟؟
قد يرميك أقرب المقربين ، ويلتقطك أرذل الأراذل ، ويشتريك من يسترخصك ، ويظلمك الجنس اللطيف ، كل ذلك لتكون ملكا أو وزيرا في بلاد أخرى تنقذها وتهديها …
أليس هذا ما حدث مع سيدنا يوسف عليه السلام ؟؟
قد يخرج المجاهدون يريدون قافلة ، فيقدر الله لهم نصرا فرقانيا..
أليس هذا ما حدث مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة بدر الكبرى ؟؟
قد يخرج المجاهدون يريدون قرية او مدينة ، فيقدر الله لهم فتحا مبينا لكل البلاد ..
أليس هذا ما حدث مع رجال ردع العدوان في سوريا ؟؟
قد يخرج المجاهدون يريدون صفقة تبادل أسرى ، فيقدر الله لهم ملحمة أسطورية تفتح طريق التحرير للبلاد والعباد
أليس هذا ما حدث مع رجال طوفان الأقصى في غزة ؟؟
مهمتك أن تؤمن بربك حق الإيمان ، وربك يتولاك ويتولى عملك وثمرة عملك …
افعل ما عليك …واجتهد في طلب النصر ..لا مانع من ذلك
لكن كن متيقنا ..أنك جندي من جنود الله ، وان الله هو الذي يحدد لك مكان جبهتك وزمانها ، وهو الذي يقدر لك طبيعة نصرك …..
فاللهم استعملنا في المكان الذي تريد والزمان الذي تريد
منكنوزالكهف(٥)
محمد أسوم