
الجمهورية تتلطى خلف رئيس الحكومة \ أحمد قصيراوي \ المصدر موقع القرار
في خضمّ المرحلة التاريخية الحرجة التي يمرّ بها لبنان، تبدو الجمهورية وكأنها تتلطى خلف رئيس مجلس الوزراء نواف سلام، تاركةً له مهمة اتخاذ المواقف الصعبة والقرارات المفصلية، فيما يفضّل رئيس الجمهورية نهج التردّد والوقوف في المنطقة الرمادية، متمسكاً بخيار “إمساك العصا من المنتصف” الذي لم يعد يجدي نفعاً أمام التحديات الوطنية الراهنة.
منذ الاستقلال وحتى اليوم، شكّلت الطائفة السنية عموداً فقرياً في معادلة حماية الدولة اللبنانية والحفاظ على توازنها. فهي التي تحملت مسؤولية قيادة السلطة التنفيذية من خلال رئاسة الحكومة، وكانت دائماً في الصفوف الأمامية للدفاع عن الجمهورية، سواء في مواجهة الأزمات الداخلية أو عند اشتداد الضغوط الإقليمية والدولية. واليوم، يتجدد هذا الدور مع نواف سلام، الذي يظهر كرجل دولة لا يتردّد في اتخاذ خطوات حاسمة حينما تتطلب المصلحة الوطنية موقفاً واضحاً وصريحاً.
قرارات سلام في الملفات الاقتصادية والسياسية والأمنية تعبّر بوضوح عن قيادة تتحمّل المسؤولية وتواجه التحديات بشجاعة، بعكس الرئاسة الأولى التي تبدو مقيدة بلعبة التوازنات الطائفية والحسابات الضيقة. ففي حين يتردّد رئيس الجمهورية في إعلان موقف واضح من القضايا السيادية الكبرى، يضع رئيس الحكومة نفسه في واجهة الأحداث، مدافعاً عن كرامة الدولة واستقلال قرارها.
إن ما يعيشه لبنان اليوم ليس ظرفاً عادياً، بل مرحلة مفصلية تحتاج إلى وضوح في الرؤية وصلابة في الأداء. فلا يمكن للجمهورية أن تستمر بالاعتماد على سياسة النأي بالنفس التي يمارسها رأس الدولة، بينما تتسارع الأحداث وتتصاعد المخاطر. وحده نواف سلام، بما يمثل من موقع ودور سني وطني، يواجه هذه التحديات بجرأة، ليعيد التأكيد على أن الطائفة السنية في لبنان كانت ولا تزال الحصن الذي يحمي الجمهورية ويحافظ على استقرارها ووحدتها.
حتى أن خصوم العهد لا يتجرأوا على مهاجمة رأس الجمهورية حتى لا يدفعوه لكي يكون طرفاً إنما يهاجمون رئيس الحكومة ويصوبون اليه سهامهم لكن في الحقيقة الهدف الحقيقي هو العهد بمجمله .
الجمهورية اللبنانية اليوم لا يمكن أن تختبئ طويلاً خلف مواقف رئيس الحكومة. فإما أن تتقدم الرئاسة الأولى لتتحمل مسؤولياتها التاريخية، أو تبقى متوارية خلف من يملك الشجاعة ليقول الكلمة الفصل في اللحظة المناسبة ، وهذا ليس انتقاصاً من دور الرئاسة الأولى ولكن دعوة لها لأخذ زمام مسؤولياتها الوطنية بكل حسم وشجاعة.
لكن المؤكد أن الدور السني، عبر رئاسة الحكومة، يبقى الركيزة الأساسية التي تتكئ عليها الدولة في أصعب الظروف.