
حين يُصبح الجسد سلعة… ويُتهم الشرف بالعُقدة \ د. لورانس نعمة الله عجاقة
بدأتُ الحديث لأنّي سمعت.
سمعت من طلابي، من وجعهم، من قصص يُخفونها خلف وجوهٍ خجولة وقلوبٍ مضطربة.
قصصٌ مؤلمة، تُشير إلى واقعٍ ينحدر بخطى متسارعة،
حيث أصبحت العلاقات العابرة، والممارسات الإلكترونية المبتذلة، أمرًا شائعًا يُسوَّق تحت مسمّيات “التسلية” أو “الحرية الشخصية”.
الأنكى من ذلك… أن بعضهم بات يحاول إقناعنا بأن “الزمن تغيّر”،
وأنّ هذا هو “الجو العام”، وأنّ “الجميع يفعل ذلك”،
فإن لم تكن مثلهم، ورفضت الانجراف،
وتمسّكت بمبادئك، وكرّمت جسدك وروحك،
وآثرت الحلال على التجربة الرخيصة،
اتهموك بأنّك معقّد، أو متخلّف، أو لا تفهم الحياة.
لقد انقلبت المعايير،
صار الحياء ضعفًا،
والعفة عقدة،
والكرامة سذاجة.
صاروا يعيبون على الفتاة المهذّبة، المحترمة، التي لم تخض علاقات عابرة خارج مؤسسة الزواج،
ويتغنّون بمن باعوا أنفسهم بحفنة إعجابات أو نظرات عابرة.
أي واقعٍ هذا؟
وأي ثقافةٍ تلك التي تشرّع الابتذال وتُهاجم الفضيلة؟
أنا لا أتحدّث هنا من منبر الاتهام، بل من منبر الغيرة على ما تبقى من قيمة الإنسان.
من منبر المعلّم، والراشد، والمسؤول الذي يرى أبناءه يُدفعون نحو الهاوية وهم يظنون أنهم يطيرون.
أقول كفى!
كفى تبريرًا للخطأ،
كفى تحميلًا للملتزمين وزر “عقد” لم يصنعوها،
كفى صمتًا يجعلنا شركاء في الانحدار.
فلنُعد الاعتبار للعقل، والضمير، والاحترام.
ولنصنّف الانحراف انحرافًا، لا حرية.
ولنحفظ للحياء مكانه، لا أن نجعله موضع سخرية.