مقالات

وجهة نظر \ كتب غسّان حلواني

من وجهة نظري، إن عودة سعد الحريري إلى الحياة السياسية يمكن أن تكون عامل استقرار أو عامل مزيد من الانقسام، حسب كيفية إدارة هذه العودة والتحالفات التي سيتم تشكيلها. في كل الأحوال، ستكون هذه العودة مؤثرة على المشهد السياسي اللبناني في المرحلة المقبلة.
وعودة “تيار المستقبل” إلى الحياة السياسية في لبنان يمكن أن يكون لها تأثيرات كبيرة ، خاصة في ظل الأزمات المتعددة التي يعاني منها لبنان، بما في ذلك الأزمة الاقتصادية والمالية، والانقسامات السياسية الطائفية.
على صعيد تعزيز التوازن السياسي الطائفي سعد الحريري يمثل جزءًا كبيرًا من الطائفة السنية في لبنان، وعودته قد تعيد التوازن الطائفي الذي اهتز بعد انسحابه من المشهد السياسي و هذا قد يساعد في تخفيف حدة الاستقطاب بين الطوائف.
أمّا إعادة تفعيل دور تيار المستقبل كونه كان أحد أهم الأحزاب السنية في لبنان، فإن عودته قد تعيد تنشيط القاعدة الشعبية التي كانت تدعمه، مما قد يؤثر على نتائج الانتخابات البلدية والإختيارية والبرلمانية المقبلة. حتما ًعودة الحريري ستغير من تحالفات القوى السياسية في لبنان، خاصة في ظل العلاقات المتوترة بينه وبين حزب الله والتيار الوطني الحر. وقد يؤدي ذلك إلى إعادة تشكيل التحالفات أو حتى إلى مزيد من الانقسامات.
يتمتع سعد الحريري بعلاقات قوية مع دول عربية وغربية، خاصة مع فرنسا ، ولا بد من طرح سؤال مشروع هنا حول شكل تعاطي السعودية معه في المرحلة المقبلة و هذا سيعيد تشكيل علاقات لبنان الخارجية، خاصة في ظل الأزمات الاقتصادية التي تتطلب دعمًا دوليًا.
يبقى من الواجب التأكيد على أ،ّ هذه العودة ليست قرارا ً شخصياً منفردا ًلسعد الحريري ، ففي ظل ما يحدث في الأقليم و الإهتمام الأميركي (المرحلي) بلبنان يلوح في الأفق إشارة الى محاولة لتعزيز الاستقرار السياسي الذي يمكن أن يساهم في إيجاد حلول للأزمة الاقتصادية ، بمعنى إدخال لبنان العصر الأميريكو-إسرائيلي الجديد بأقل قدر من المشاكل .
و على ما جرت العادة ستواجه عودة الحريري معارضة من بعض القوى السياسية الداخلية، خاصة تلك التي تعتبره ممثلًا لمصالح خارجية. كما أن ردود الفعل الإقليمية، خاصة من إيران وحلفائها في لبنان، رغم إنحسار قدرات حلفاء إيران في لبنان ، و إرهاصات هزيمة مشروع المد الشعوبي الإيراني في المنطقة .
الشارع اللبناني عامة و السني بشكل خاص في عودة الحريري منقسم الى فريقين ، واحد بشعر بإرتياح لهذه العودة ، بينما قد يرى الآخر فيها استمرارًا للنظام السياسي التقليدي الذي يعتبرونه جزءًا من الأزمة. و بدا واضحا ً اليوم في كلمته في وسط بيروت أنه على دراية بهذا الموضوع لذلك أشار الى ظهور وجوه جديدة مع إستئناف عمل تيار المستقبل السياسي .
لا شك سيواجه الحريري تحديات داخلية كبيرة، بما في ذلك انقسامات داخل تيار المستقبل نفسه، بالإضافة إلى تراجع شعبيته في السنوات الأخيرة بسبب الأزمات المتلاحقة، فأي دور سياسي له بعد محاولة إستعادة الثقة الشعبية الكبيرة التي كانت بمتناول يده .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى