
ليس أمرا عاديا ..محمد أسوم
ما فعله سماحة مفتي البقاع الشيخ علي الغزاوي حفظه الله ، ليس عاديا …
أن يقف أحد المفتين في لبنان خطيبا في تشييع شهيد ، ويرفع البندقية مهددا العدو بأنها اللغة الوحيدة التي يجب التكلم بها معه، فهذا يعتبر انعطافا تاريخيا من دار الفتوى نحو نصرة الحق وأهل الحق ….
الإسلام الرسمي في لبنان ليس معتادا على هذا النوع من الخطاب ..
الإسلام الرسمي يحافظ على الخطاب الرسمي الذي يدور في فلك زعماء السنة في لبنان ..
في الغالب هو خطاب الحمائم الوديعة الحريصة على السلام والتعايش والتكامل مع مكونات الوطن ..
وهو خطاب مواسم العبادة ومطالع الأهلة ، الذي يتكرر كل عام..
وهو خطاب الدعم للزعيم السني ، الذي يحرص على صورة تضم اكبر عدد ممكن من العمائم حوله…
ولا تعلو نبرة هذا الخطاب إلا عندما يكون الزعيم السني محشورا ، أو عندما تكون سلطة دار الفتوى مهددة بمشاريع قوانين تستهدفها وتستهدف مؤسساتها ..
خطاب المفتي الغزاوي في تشييع الشهيد القائد في قوات الفجر ، أحدث نقلة نوعية كبيرة جدا …
شاهد اللبنانيون لأول مرة ، مفتيا يحمل السلاح ، ويدعو إلى الجهاد ، ويؤيد مسيرة المجاهدين ويدعم خيارهم …
بهذا الخطاب المدوي، أعطى غطاء رسميا للمجاهدين ، ونزع عنهم صفة التهور والارتهان والإرهاب التي يحرص أعداء الإسلام وأعداء الحق على إلصاقها بهم …
بهذا الخطاب الجريء، وجه درسا عميقا لكل مشايخ دار الفتوى بأن يقوموا عبر منابرهم بدعم المجاهدين والدعاء لهم دون خوف او وجل ..
بهذا الخطاب الشجاع ، أبرز دور المرجعية الدينية القيادي للأمة :
فالمفتي إمام …والإمام جُنة ، يُقاتل من ورائه ويُتقى به ..
والمفتي مرجع علمي ، والمرجع العلمي يضع القواعد الفقهية للجهاد السليم ، والضوابط الفقهية للمجاهدين ..
والمفتي رأس ورئيس للجسم الديني ، يقود جيشا من العلماء والخطباء ، يحدد معالم الخطاب الديني في البلاد ، ويضبط سلوك كل عناصره ..
فهو القادر على تحويل هذا الجسم إلى محرك قوي للمسلمين نحو نصرة الحق ومحاربة الباطل ، أو تحويله إلى مخدر للجماهير لتخضع لسلطة الاستبداد أو الفساد السياسي ..
أقول لسماحة المفتي القائد علي الغزاوي ..
لقد أيقظت جسما دينيا طال رقاده ،وأطلقت روحا جهادية فيه ، عسى الله أن تسري في كل مفاصله …
نصرك الله كما نصرت الحق وأهله
وأعزك الله كما وقفت أبيا عزيزا
محمد أسوم