مقالات

“جنون الأسعار ظاهرة وعادة رمضانية” \ كتب غسّان حلواني

يتزامن رمضان شهر الصيام عند المسلمين هذا العام مع زمن الصوم لدى الطوائف المسيحية، فعساها مناسبة توحّد النفوس إخلاصا ًو توبة ً و قربى لخالق الصوم و جاعله فريضة على عباده، في كل الشرائع. أودّ أن أشير الى ظاهرة تتكرر في كل سنة في شهر رمضان. هي ارتفاع أسعار السلع والبضائع والمواد الغذائية.
في نظرة تحليلية لأسباب ارتفاع الأسعار في رمضان، نجد أن إزدياد الإقبال على شراء المواد الغذائية خلال رمضان، يرفع الأسعار نتيجة قانون العرض والطلب، وهناك بعض التجار يحتكرون السلع أو يرفعون الأسعار بشكل غير مبرر للاستفادة من زيادة الاستهلاك. و في البلدان التي تعتمد على الاستيراد، مثل لبنان، قد تؤدي تقلبات العملة إلى زيادة تكلفة الاستيراد وبالتالي ارتفاع الأسعار. و كذلك ترتفع تكاليف النقل والتخزين، مما ينعكس على الأسعار. إنّ الظروف الاقتصادية العامة في لبنان و التضخم وارتفاع كلفة الإنتاج يؤثران بشكل مباشر على أسعار السلع.
إنّ ارتفاع زيادة الاستهلاك، و (تقلبات سعر الصرف (لم يحصل)) ، وزيادة الرسوم الجمركية والضرائب على المواد الغذائية (و هذا الأمر أيضا ً لم يحصل في لبنان مؤخرا ً) من شأنها أيضا ً أن ترفع الأسعار. أمّا الطامة الكبرى فهي في الغياب الكلّي للرقابة وضعف تنفيذ القوانين ما يسمح لبعض التجار برفع الأسعار دون مبرر قانوني.
الحلّ إذا توفّرت الإرادة لدى الإدارة السياسية و الاقتصادية عندنا ، يصبح سهلا ً جدا ً. ويبدو أنّ علينا إيقاظ جزء ضمير الدولة غير المتواطىء مع بعض التجار، و التذكير بمهام بديهية على الدولة ان تقوم بها و هي تشديد الرقابة من الجهات المختصة و تكثيف حملات التفتيش على الأسواق لمنع الاحتكار والاستغلال. وكذلك تحديد سقوف الأسعار إذ يمكن للحكومة تحديد هوامش ربح للسلع الأساسية لمنع ارتفاعها بشكل غير منطقي. و إن تعذّر دعم السلع الأساسية فيمكن تخفيض الضرائب والرسوم عليها. و لا أرى بدّا ً من دعم المنتجين المحليين والمزارعين لتوفير بدائل محلية بأسعار أقل. و يمكن تفعيل دور الجمعيات التعاونية التي تبيع بأسعار مخفضة للمستهلكين، ما يحد من استغلال التجار.كما يجب تشديد العقوبات على المخالفين و فرض غرامات صارمة عليهم لضبط الأسواق. و هناك دور كبير للوعي المجتمعي في خفض الأسعار و هو شراء السلع وفق الحاجة لتجنب التهافت غير المبرر. و هذا الجزء بالذات يتعارض مع البنية الفكرية لمعظم المجتمع اللبناني، الذي يظن شراء السلع بشكل مبالغ فيه مكسب و شطارة و حصن من المجاعة الحتمية الحدوث في أيام المناسبات كرمضان و الأعياد.
من الناحية القانونية هناك جهات مسؤولة قانونيًا عن الرقابة والمعالجة كوزارة الاقتصاد والتجارة، فمن واجبها أن تضع سياسات التسعير وتراقب الأسواق لضمان المنافسة العادلة. كما أن هناك دور للبلديات في متابعة الأسواق المحلية والتأكد من الالتزام بالأسعار الرسمية. و على الهيئات القضائية أن تتعامل مع المخالفات وتطبق العقوبات القانونية ضد المتلاعبين بالأسعار. كما على الجهات الأمنية أن تتدخل لضبط الاحتكار والممارسات التجارية غير المشروعة.
امّا جمعيات حماية المستهلك (الغائبة – النائمة) فدورها أن تراقب الأسواق وتبلغ عن التجاوزات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى