اجتماع

تعليقاً على التطورات السياسية في لبنان، أصدرت جمعية الإصلاح والإنماء الإجتماعي

في ظل ما نشهده اليوم من تصاعد التحديات على مستوى لبنان والمنطقة، نقف أمام مشهدٍ يزداد خطورة في ظل صلفٍ أميركي متزايد وغطرسة لا مثيل لها في التاريخ الحديث.

لقد بلغ الاستكبار الأميركي ذروته، ليُسجل بذلك مواقف تهدد الاستقرار العالمي وتختصر المعاني الإنسانية في تحقيق مصالح قوى الاحتلال والهيمنة، فبعد أن عاث ترامب في الأرض فساداً، متنكراً لكل القيم والمبادئ التي من المفترض أن تحكم العلاقات بين الأمم، أطل علينا في كل مناسبة، متحدثاً بأبواقٍ من ذهب، وجوهٍ تكسوها قذارة الكذب والتضليل، ليظهر في صورة الفرعون المعاصر، إن تصرفاته وأفعاله، التي لا تخرج عن منطق القوة والظلم، تعكس بكل وضوح خرقه للقوانين الدولية وتعامله مع شعوب العالم كما لو كانوا مجرد قطع في لعبة شطرنج، ليمضي في مشروعه الذي يُجسد علانيةً شريعة الغاب، حيث يأكل القوي الضعيف ويقهر الشعوب دون رادع.

المؤسف أن هذه الغطرسة لم تقف عند حدود الكلمات والشعارات التي يطلقها هذا الرئيس الفاقد للإنسانية، بل تجاوزتها إلى عمليات تهجيرٍ ممنهجة، تتجلى أبرز ملامحها في جريمة جديدة ارتكبها بحق شعب غزة الفلسطيني الصامد، ولعل أكثر ما أثار الاستهجان هو تصرفات جنوده، الذين يُجسدون بممارساتهم الوحشية آلة إرهاب ممنهجة تهدف إلى خضوع الشعوب وتغييب إرادتها، سواء من خلال السياسات القمعية أو من خلال تصنيع الأنظمة والقيادات التي تُنفذ الأجندات المتغطرسة.

لكن الأخطر من ذلك كان عندما فكر الأميركي بكل وقاحة في تهجير أهل غزة، فتحت حجة أن “لا مكان لهم” أطلق وعوده بالقتل والتدمير، فقتل كيف قدر، غير عابئ بحجم الألم والمعاناة التي سببها لشعب أعزل يحارب من أجل البقاء، لكن هذه الممارسات لن تمر بدون محاسبة، فشعبنا اللبناني الأبي اليوم لن يقبل أن يمرر أو يرضى بهذا النوع من التدخلات السافرة.

ولم يقتصر الأمر على غزة، بل طالت الحماقة الأميركية لبنان بشكلٍ مباشر، حين أتى مبعوثة الإدارة الأميركية، مورغان أورتاغوس، لتمثل نفسها وكأنها حاكمة عسكرية لبيروت، محاولين فرض وصايتهم على الشعب اللبناني، في خطوة سافرة لفرض خياراتهم السياسية على اللبنانيين وحرمانهم من حقهم في اختيار ممثليهم بحرية، وبكل وقاحة، توجهت أورتاغوس من القصر الجمهوري بالشكر إلى الكيان الصهيوني الذي طالما مارس العدوان على لبنان وفلسطين، وقتل المدنيين ودمر القرى، في مشهدٍ يندى له الجبين ويُدان من جميع الأحرار في العالم.

إن ما حدث يجب أن يكون دافعاً لنا جميعاً، كشعب لبناني وعربي، لرفض هذه الإهانة الممنهجة بحق أمتنا وشعبنا، فكما فشلوا في تحقيق أهدافهم عبر البلطجة العسكرية، لن نسمح لهم بالنجاح في مخططاتهم السياسية التي تهدف إلى فرض الوصاية وابتزاز لبنان عبر أدواتهم من الدوليين المحليين.

اليوم، نُذكّر أولئك الذين يراهنون على قوى التدخل الأميركي وأمثال أورتاغوس بأن التاريخ يكرر نفسه، وأن معركة الكرامة التي خاضها شعب لبنان وفلسطين في مواجهاتهم مع هذا العدو المتغطرس، ستظل في ذاكرة الأمة، فلن يُنسى اتفاق العار في 17 أيار، ولن تمحى من أذهاننا مقتلة المارينز التي عانت منها بيروت، وكذلك الحاكم العسكري الذي حاول أن يفرض سيطرته على الأرض، لكنهم أخطأوا في حساباتهم، وها نحن اليوم نثبت أننا لن نرضخ للعدو مهما كانت الظروف.

وفي الختام، نقول لكل من يتآمر على لبنان وأرضه، أن أبناء هذا البلد لا يقبلون الضيم، ولن يتراجعوا عن مسيرة النضال التي بدأوها في مواجهة العدو الغاشم، فإرادتنا أكبر من كل محاولات الإذلال، ودماؤنا التي سالت على الأرض لن تذهب سدى.

فلنعتبر جميعاً من عبر التاريخ، ولنستمر في طريق الحرية والكرامة، متحدين في مواجهة كل قوى الشر والإرهاب التي تهدد وطننا وأمتنا.

تمنياتنا أن يظل لبنان شامخاً، وأن ينعم شعبه بالأمن والكرامة، وأن يظل المناضلون مصدر فخرٍ واعتزاز.

والحمد لله رب العالمين.

المكتب الإعلامي لجمعية الإصلاح والإنماء الإجتماعي في لبنان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى