مقالات

ربع قرن على رحيل العلاّمة د. مصطفى الرافعي خاص ( الشراع ) الغرّاء / بقلم د. فلك مصطفى الرافعي

كم يؤلمُ الامس ان لاحتْ ملامِحُه فالروحُ تؤلمها الذكرى و تُدميها .

لله درّك ايها الحاضر العاصف بإستمرار ذكرك رغم مرور ربع قرن على انفصال جسدك الى خبءٍ في التراب الذي سوّاه الله و منه خلق اول انسان ، و بين روحك وراء البرزخ محطة الانتظار الاخيرة قبل نفير بوق اسرافيل في تشبيه افتراضي لصوت يعم ارجاء المحطة للالتحاق بمتن الاستحضار من الاجداث و منها الخلق يَنسِلون …
يوم خرجتَ من دارك ملفوفا بصحائف من كفن اوراقٍ جاهدتَ فيها معظم عمرك لتُغني المكتبة العربية بعشرات المؤلفات ، و ربّما كما فعل السلطان سليمان القانوني عندما امر ان يُدفن معه صندوق حار بأمره اركان الإفتاء ، فإذا به يحمل تواقيع كل فتوى كحجة عليهم و ليس عليه …
و اذ يميل اليوم جمهور الفقهاء لتأكيد التواصل بين الحىّ و الميْت ، من غير إغراقٍ في التوصيف و الحالة و منها ان الذي سبَق يسأل الوافد الجديد عن احوال معارفهم .
فأنت معنا وبيننا و في الطليعة دائما، نستلهم ونستذكر محطات كتبتْ عنها و حذّرت منها فكأنك حين خروج الروح ” فبصرُكَ اليوم حديد ” . ..
و ما زلتُ اتوقع سماع طرق الباب كأنني انتظر طلّتك البهية و قامتك السامقة تحمل سلةً من نخلة على سيرة سيدتنا مريم ” لتُساقِط عليك رُطبا جنيا” …
و كما عاهدتك كل سنة بتقديم جردة حساب لأهم محطات حياتي عبر منبر ” الشراع “التي احببتها و احببت فارسها الاستاذ الكبير حسن صبرا الذي دائما يذكركَ و خاصة يوم التقاكَ صبيحة الاعتداء على مصر يوم الخامس من حزيران ١٩٦٧ في السفارة اللبنانية في القاهرة ، كما كان يجمعكما الحب الكبير للزعيم جمال عبد الناصر …
و منها اختياري وانتسابي” للقاء التشاوري للنخب في المحافظات” بقيادة المنسّق العام الاستاذ عبدالهادي محفوظ رئيس المجلس الوطني للاعلام المرئي و المسموع ، ضمن مجموعة همّها الاول عودة قطار الوطن الى سكّة السلامة رغم الصدأ الكثيف على مسار القطار ، و حتى لا نُسأل يوم توزيع الكتب يٌمنى و يُسرى نحاول جهدا او نموت فنٌعذرا…
و الخبر الآتي من جمهورية مصر العربية لإقامة المؤتمر السنوي لإتحاد الادباء والشعراء العرب في احضان الكنانة تحت مسمّى “لقاء العلاّمة د. مصطفى الرافعي” برعاية عميد الاتحاد د. هاني السعداوي و تنظيم الامين العام د. مزهر زيتونة …
وايضا بإدراج اسمك و فكرك بندوة يقيمها لاحقا ” المركز الثقافي الإسلامي ” بمبادرة مشكورة من الصديق الغالي العميد فؤاد حسين آغا نائب الرئيس .
محطات مضيئة تُنار كشعلة لا تنطفئ من سيرة كبير ،كل هذا ونحن نعيش جمر لم ينطفىء من حروب غاشمة علينا تكاد تتقطع اوصال وطننا من وطأة الترهيب للترغيب …
استحضر كلماتك المستقاة من قصص التنزيل الحكيم عندما كنت تعظنا ان الله تبارك و تعالى ابطل خاصية الحرق من النار الموقدة لسيدنا ابراهيم عليه السلام ،
فكانت بردا و سلاما و لم يتأذى من نارها فكانت سلاما يقيه البرد ..
و كم ذكّرتنا بموقف حزين حين تدلهم الازمات حين اتى الامر بذبح النبي اسماعيل عليه السلام فنزع الله خاصية النحر من السكين ، كما الحوت الذي التقم سيدنا يونس عليه السلام فهدأت عصارات احشائه ، فكان الجوف حضانة آمنة حتى ساعة تحريره من ظلمات قاتلة …
نستلهم اقوالك بضرورة ايلاء العقل ترجيحا للقرار ، و هذا ما اراده المولى تبارك حين ربط على عاطفة ام موسى فألقته باليمّ الهائج بكل ايمان انه سيعود اليها ..
علّمتنا اليقظة والصبر لمقارعة عجاف الايام والسنابل اليابسة ، فلا الذئب اكل يوسف الصدّيق ، لكنه كيد الغيرة والحسد فأورثه الله حكم مصر و اهراءات قمحها و من اجل هذا الموقف سُميَّت بإسم ” مصر ام الدنيا ” ..
نعيش اليوم سيدى في مواجهة مخالب الاحداث ، كما علّمتنا ان هناك من ” و ما بدّلوا تبديلا ” ..
في يوم سفرك يوم استرداد الامانة نُرابط على نصائحك فنستلهم حكمتك و اللسان ما زال يلهج ” و قل ربّي ارحمهما كما ربياني صغيرا ”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى