
دولة رئيس مجلس الوزراء القاضي “نواف سلام”بقلم رئيس تحرير موقع “صوت الجيل” الأُستاذ ” جواد خُضر”
عندما كُلّف القاضي و الدبلوماسي السابق “نواف سلام” بتشكيل الحكومة اللبنانية مطلع العام ٢٠٢٥ تنَفَسَ الكثيرون الصعداء، و عَلّقَ البعض آمالًا كبيرة على شخصية بدا أنها تحظى بسمعة نظيفة و خبرة قانونية و دولية واسعة. لكن و بعد أشهر من توليه المنصب، يتضح أن الرجُل رُغمَ مؤهلاتهِ غرِقَ في وحول السياسة اللبنانية المتشابكة، و أثبتَ أَنَهُ ليسَ إستثناءً للقاعدة القديمة: النوايا الطيبة وحدها لا تصنع التغيير.
حكومة بلا رؤية واضحة منذ لحظة إعلان تشكيل حكومته، بدا أن نواف سلام رضخ كلياً للتوازنات الطائفية و الحزبية، فعَينَ وزراء بموجَب المحاصصة لا الكفاءة، و عادت الحكومة إنتاج نفس الأسماء و الولاءات التي تسببت بالإنهيار المالي و السياسي. أين كانت الجرأة الإصلاحية التي إنتظرها اللبنانيون؟ و أين هي الوعود التي أطلقها في خطاب التكليف عن حكومة مستقلة عن نفوذ الطوائف و المصالح الخاصة؟
في الإقتصاد.. إدارة لا قيادة
في عز إنهيار الليرة، و وسط الإنهيار المتسارع في الخدمات الأساسية، من كهرباء و إتصالات و إستشفاء، لم تبادر حكومة نواف سلام إلى تقديم خطة طوارئ حقيقية أو رؤية إقتصادية بديلة. الإكتفاء بإعادة تدوير خطط الحكومات السابقة، و اللجوء إلى البنك الدولي و صندوق النقد دون أي مقاربة واقعية للواقع الإجتماعي، كشف عن إفتقار الحكومة إلى الإبداع و القدرة على المبادرة.
السكوت عن الفساد… شكل من أشكال الطواطؤ
لطالما تحدّث نواف سلام عن دولة القانون و محاسبة الفاسدين، لكن حكومتهِ حتى الآن لم تحرك ساكناً في ملف إستعادة الأموال المنهوبة، أو محاسبة أي من المتورطين في الإنهيار المالي، سواءً في المصرف المركزي أو في الطبقة السياسية. فهل كانت شعاراتهِ مجرد شعارات إنتخابية؟ أم أنهُ عاجز عن مواجهة المنظومة التي سمحت لهُ بالصعود؟
دبلوماسي في الداخل؟
ربما كانت تجربة نواف سلام بالأمم المتحدة مصدر إحترام خارجي، لكنها لم تُترجم إلى القدرة على إدارة الداخل اللبناني المأزوم بل بدا في بعض اللحظات كمن يعيش في نبض الشارع، يُدير الأزمة من برجٍ عاجي متردد، متخوف، و غير راغب في كسر الإتفاقات التقليدية.
الضغوط الخارجية و الداخلية: رُغمَ الدعم الدولي لتكليف سلام، إلى أن الضغوط الداخلية من القوى السياسية التقليدية، بالإضافة إلى التحديات الإقتصادية و الإجتماعية، جعلت مهمتهُ شبه مستحيلة. في نهاية المطاف، لم يتمكن نواف سلام من تشكيل الحكومة التي كان يطمح إليها، مما أدى إلى ضياع الفرصة التي كانت قد تُحدث فرقاً في مسار الإصلاح في لبنان.