
حين تجلّت جاهدة وهبة على مسرح “كازينو لبنان” | رندلى جبور | المصدر موقع الجريدة
لِجاهدة وهبة قدرة عجائبية. فقد جعلتنا ننفصل عن واقعنا الأليم، ونطير معها على جناح صوتها الرخيم إلى حيث الخيال.
قليلة هي اللحظات التي نحيا فيها متعة استثنائية في هذا الزمن، وجاهدة وهبة صَنعت هذه اللحظات.
ونادرة هي الأوقات التي نَركن فيها السياسة والتحوّلات والتقلّبات والحروب جانباً، ونذهب في رحلةٍ على متن حنجرةٍ مُطرّزة بالدفء، إلى حيث الجمال والحنين والحب والطرب والهروب الراقي.
تجلّت جاهدة وهبة على مسرح كازينو لبنان بأداءٍ متّزن وخفيف في آن، بإبداعٍ طبيعي بعيد من التصنّع، بموهبة مثقولة وثقة مجبولة بالشخصية اللبنانية المشرقية الصافية.
جاهدة وهبة لم تُغنِّ وحسب، بل كانت تشعر بكل قصيدة وكلمة ولحن، فنَقلت لنا فيض المشاعر وليونة الروح.
كانت أم كلثوم وفيروز وصباح ملء الحضور على المسرح بشخص جاهدة، التي لم يَغِب شخصها هي أيضاً.
كانت الأنثى حاضرة بكل ما فيها على خشبةٍ لم تحتج فيها تلك المغنيّة اللبنانية إلى الكثير من الديكور والبهرجة لتدهشنا.
ستارة ولا كورس. إنارة بسيطة والمايسترو أندري الحاج وكمشة موسيقيين وجاهدة، عزفوا وغنّت، فخلقوا للمرأة ليلة لا تتكرّر في يومها العالمي.
بدت جاهدة وهبة شاعرة متمكّنة من اللغة، وعالِمة في الموسيقى، وإنسان واثق من قدراته، وقلْبٌ جابَ كل أرجاء المسرح طارقاً على باب كلٍّ منّا، ومثقّفة في عصر الشح الثقافي.
أحلام مستغانمي وسعاد الصباح حضرتا أيضاً، ليس بشخصهما، بل على حِبال جاهدة الصوتية.
هي حبال تسلّقنا بها إلى الأعلى، إلى السماء، قبل أن نعود ونهبط على مساحات واقعنا التي تخلّت عن السماء وما فيها ومن فيها.
فشكراً لجاهدة الأصالة، ولإدارة كازينو لبنان، وشكراً لرنا وهبي، التي لا تنسى الإعلام، وتجعله شريكاً دائماً في كل المحطات الثقافية الفريدة.